نهاد مجيد الزركاني
خطاب المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظلّه) في ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا يأتي ضمن الخطابات الدينية المتكررة، بل يحمل رؤية فكرية تضع العراق في قلب مشروع تغيير يمكن أن يعيد رسم وعي الأمة.
العراق: مركز الأزمة… ومركز التحوّل
العراق اليوم يعكس تركيباً مكثّفاً لأزمات الأمة: ضعف الدولة، تغوّل الفساد، وانهيار العدالة.
وعندما يتحقق التحول داخل (الأمة العراقية) ((في وعيها وبُناها السياسية والاجتماعية)) فإن تأثيره، بحكم التاريخ والموقع البشري والثقافي، سيمتد طبيعياً إلى المحيط الإسلامي الأوسع.
من المحلي إلى الإقليمي
مشروع اليعقوبي لم يبق داخل حدود العراق، فقد وصلت تأثيراته إلى إيران، باكستان، تركيا، إفريقيا، وبعض الدول العربية، عبر طلاب العلوم الدينية من جنسيات مختلفة التي تدرس في النجف الأشرف، ونشر الدروس على المنصات، والخطابات، وتوسّع منصات التواصل.
إنه حضور متدرّج لكنه حقيقي، يعكس قابلية المشروع للانتشار.
مرجعية تبني الوعي لا الهوية المذهبية
يقدّم اليعقوبي نموذجاً لمرجعية تعمل على إنشاء وعي أخلاقي واجتماعي يتجاوز الحواجز الطائفية، من خلال استحضار رموز العدالة — وفي مقدمتها السيدة الزهراء (عليها السلام) بوصفها قيماً إنسانية وأخلاقية، لا عناوين صراعية.
مشروع بأبعاد متعددة
إن مشروع اليعقوبي لا يطرح (بديلاً) عن التجارب القائمة ((كالتجربة الإيرانية)) ولا ينافسها، بل يقدّم أفقاً فكرياً مكمّلاً يقوم على رؤية فلسفية لنهضة تقوم على الإنسان الواعي والعدالة الرسالية.
ويمكن تلخيصه بثلاثة مستويات مترابطة:
١. عراقياً: إصلاح الدولة عبر بناء الإنسان قبل المؤسسة……
٢. إقليمياً …. إسلامياً: خلق نموذج وعي رسالي يتسع لدوائر متعددة داخل العالم الإسلامي.
٣. فلسفياً ،،، حضارياً: تقديم مقاربة جديدة لدور الأمة في العالم، تقوم على العقل الأخلاقي وقيم العدالة، بعيداً عن مركزية القوة والصراع.
الخلاصة
مشروع سماحة المرجع اليعقوبي ليس موجّهاً لطائفة أو لنطاق محلي ضيق، بل هو رؤية تبدأ من العراق باعتباره مركز التحوّل، وتمتلك القابلية للانتشار حيثما توفّر بيئة الوعي…..
إنه مشروع لبناء إنسان رسالي جديد، يعيد للعراق دوره، وللأمة بوصلتها.