بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أعظم الله أجوركم بذكرى شهادة الصديقة الطاهرة وأحسن لكم العزاء وجعلنا الله وإياكم من السائرين على نهجهم، والناصرين لهم….
أردت في هذا اليوم ربط هذه المناسبة، والمصيبة الراتبة التي أكد المرجع الرسالي، والقائد الميداني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (أعزه الله )، على إحيائها، مع صيحة الحق، وذكرى مولد الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) في الزيارة الشعبانية التي طالب المولى المقدس محمد محمد صادق الصدر (رضوان الله عليه)، جموع المؤمنين بزيارة الحسين (عليه السلام) مشياً على الأقدام، والبعد من وراء الدعوتين الشريفتين ….
إن دعوة سماحة المرجع آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)، لإحياء شهادة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) ليست مجرد مناسبة عزائية تقليدية، بل هي دعوة تحمل في طياتها أبعاداً عميقة تصب في مصلحة الأمة وتعبئتها على مستوى الفكر والروح والموقف.
وهذه الدعوة الكريمة تذكرنا، بحق بالدور التاريخي الذي نهجه الولي الصالح والعارف الكامل آية الله العظمى الشهيد السعيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)، عندما قرر التحدي لنظام البعث الطاغوتي بإحياء ذكرى مولد الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في الخامس عشر من شعبان، فربط الدعوتين يكشف عن بعد استراتيجي موحد يمكن إيضاحه من خلال المحاور التالية:
أولاً: البعد التعبوي والتغييري:
·دعوة الولي الطاهر السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قده): كانت إحياءً لذكرى المولد تمثل تعبئة روحية وفكرية ضد نظام البعث، فإحياء ذكرى ولادة المهدي (عج) هو إعلان صريح بأن الأمل بإزالة الظلم وتحقيق العدل الإلهي قائم، وأن زمن الطاغوت سينتهي، مما يزرع الثقة في نفوس المؤمنين ويقوي عزيمتهم على مواجهة الطغيان.
·كم إن دعوة المرجع الميداني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله): تأتي في سياق متصل، حيث إن إحياء ذكرى شهادة الزهراء (عليها السلام) هو استحضار لأعظم قضية ظلم في التاريخ، مما يوقظ في الأمة روح الرفض للظلم والاستبداد بكل أشكاله، ويعبئها معنوياً وفكرياً للدفاع عن الحق والعدل، انطلاقاً من المظلومية التي مست بضعة رسول الله (ص).
ثانياً: البعد السياسي والمواجهة:
·دعوة السيد الولي الطاهر محمد صادق الصدر (قده): كانت مواجهة مباشرة مع نظام البعث، حيث حول المناسبة الدينية إلى منصة للاحتجاج السلمي وإظهار الرفض للنظام، مما أكسبها بعداً سياسياً صريحاً كان بمثابة صفعة للنظام وأجهزته القمعية.
ودعوة سماحة المرجع الرسالي الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله): تمثل في ظرفنا الراهن تذكيراً للأمة بمسؤوليتها في مواجهة أصناف الظلم والانحراف والتبعية، واستنهاضاً لها للوقوف في وجه كل من يسعى لطمس حقها أو النيل من كرامتها ومقدساتها، مستلهمين الدرس من موقف الصديقة الطاهرة (عليها السلام) في الدفاع عن الولاية والإمامة.
ثالثاً: البعد الرسالي والاستمرارية:
·الربط الجوهري: كلتا الدعوتين تستمدان شرعيتهما وقوتهما من الارتباط الوثيق بمشروع أهل البيت (عليهم السلام)، فذكرى المهدي (عج) هي استشراف للمستقبل الذي يتحقق فيه العدل الإلهي، وذكرى شهادة الزهراء (عليها السلام) هي استذكار لجذور المعركة بين الحق والباطل، وهما معاً يشكلان حلقة متكاملة في النهج الرسالي الذي يربط الماضي بالحاضر والمستقبل.
ويستمر هذا النهج الحركي من خلال دعوة المرجع الرسالي الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)، والذي يمثل امتداداً لنهج السيد الشهيد محمد الصدر (قده) في تحويل المناسبات الدينية إلى محطات توعية وتحرك، وعدم اختزالها في الطقوس فقط، بل جعلها منطلقاً لبناء الأمة الواعية والمستعدة للتضحية في سبيل الله.
وأنا ادعو باستمرار كل أخوتي من فضلاء الحوزة وقادة الحراك الميداني، على ضرورة العمل الواعي لبيان مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، بعيداً عن الطقوسية التقليدية وترسيخ مبادئ العمل الإسلامي لخلق أمة واعية وقاعدة شجاعة ….
فالسلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ….
معاً لإحياء ذكرى شهادتها فهو يوم مشهود ..
الشيخ عباس الساري