كتب الدكتور الشيخ عبدالهادي الطهمازي: من الأعراف العشائرية الحديثة ما يُطلق عليه (النهوة) وتعني: منع الفتاة من الزواج برجل غريب عن عشيرتها، وقد يشمل هذا المنع حتى الرجل فيمنع من الاقتران من امرأة من خارج العشيرة.
والنهوة، مأخوذة لغة من النهي: وهو الزجر عن الشيء، فاعتبار منع أحد الأقارب من السماح للفتاة بالزواج من أجنبي تسمى (نهوة).
إذ يمكن لعم الفتاة أو ابن عمها رفض تزويجها إلاّ لواحد من الأقارب، ويقترن هذا المنع عادة بالتهديد الذي قد يصل إلى استخدام السلاح والقتل.
ويعتمد هؤلاء الرافضون لهذا الزواج على صلة القرابة التي يزعمون أنها تعطيهم الحق في اتخاذ قرار يَحرمُ على الفتاة من الارتباط برجل من خارج عشيرتها، غاضين الطرف أنهم قد يدفعون بها إلى الزواج من رجل يكبرها سناً أو يختلف معها كلياً في مستوى التفكير أو الثقافة، وهم يعلمون بالتجربة أن هكذا زواج عادة ما ينتهي إلى الطلاق، أو ربما حتى إلى انتحارها، أو انتقامها من الزوج الذي أُجبرت على الارتباط به.
وهناك مِنَ النساء من تحاول منع ذلك فتلجأ إلى المحاكم لرفع مظلوميتها، لكنها تعجز عن إحضار شهود، لأن الناس يمتنعون من تقديم شهادتهم خوفاً من أقاربها.
ومعروف أن الشريعة المقدسة كما هو مفصل في كتب الفقه لا تعطي حق الولاية بالنسبة للبكر إلاّ لأبيها أو جدها في تزويجها من الرجل الكفؤ والمناسب، هذا بشرط موافقتها.
ويتعقّد موضوع النهوة عندما لا يقوم ابن العم وحده مثلاً في منع ابنة عمه من الزواج بل الأخ أحياناً، وغرضه من ذلك ابتزاز المتقدّم والحصول منه على حفنة من الأموال.
وموقف الشريعة واضح وهو عدم جواز عضل المرأة ومنعها من الزواج بالكفؤ المناسب لها، ففي استفتاء مقدم لمكتب المرجع الأعلى في هذا الشأن يقول السؤال: ((يرجى بيان موقف الشارع المقدس في نظر سماحة السيد السيستاني من مسألة (النهوة) المعروفة في مجتمعنا لا سيما في الأوساط العشائرية؟ وما هو التكليف الشرعي للمؤمنين وخاصة من له كلمة نافذة في المجتمع من رجال العشائر تجاه ذلك؟
الجواب: النهوة ظلم محرم شرعاً، وتجاوز على حدود الله سبحانه، وممارسها يتحمل آثارها في الدنيا وتبعاتها في الآخرة، وعلى القادرين على الحيلولة دون ممارستها القيام بوظيفتهم حسب شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)).