قراءة تحليلية لدعوة المرجع اليعقوبي لإغاثة اهل غزة:
البيان الصادر عن المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي حول مأساة المجاعة في غزة هو شعور إنساني وديني ووطني عميق يتفاعل مع الحدث الكارثي على المستوى الأخلاقي والشرعي ويقدم موقفًا واضحًا من الواجب تجاه ما يحدث هناك ، وفيما يلي قراءة تحليلية لأبرز الأبعاد التي تضمنها البيان :
⸻
البعد الإنساني والأخلاقي
البيان يبدأ بتصوير الواقع المأساوي في غزة مستخدمًا عبارات شديدة التأثير الوجداني مثل:
تنقل وكالات الأنباء صوراً مأساوي ، وتذيب الصخر الأصم ألماً وأسى وشفقةً
هذا التوصيف يهدف إلى تحريك الضمير الإنساني في وجدان المتلقي ويقدم المعاناة في غزة على أنها قضية إنسانية كبرى لا يمكن تبرير الصمت تجاهها بأي من الأعذار أو الاعتبارات السياسية أو الجغرافية
⸻
التوظيف الشرعي والنصي
يربط الشيخ اليعقوبي الواقع الحالي بنص تاريخي من نهج البلاغة للإمام علي (عليه السلام)، في موقف يهز الوجدان:
(فلو أن امرءًا مسلمًا مات من بعد هذا أسفًا ما كان به ملوما بل كان به عندي جديرا)
هذه الاستشهادات ليست فقط لنقل مشاعر الغضب والحزن بل لتأصيل وجوب النصرة والدفاع عن المظلومين حتى وإن كانوا غير مسلمين ، فكيف إذا كان الظلم واقعًا على شعب مسلم محاصر؟
يوظف النص لبيان أن التخاذل أمام الظلم هو إثم معنوي عظيم وأن السكوت في هذه الحالة لا يغتفر شرعًا ولا إنسانيًا
⸻
تحميل المسؤولية
يتوجه البيان بخطاب مباشر إلى الحكومة العراقية:
(طالب الحكومة العراقية بالتدخل لدى الحكومة المصرية)
هنا نرى وضوحًا في تحميل الأنظمة العربية وتحديدًا العراق ومصر مسؤولية إيصال المساعدات وعدم الاكتفاء بالبيانات التضامنية فهذا الموقف يعكس:
• إدراك المرجع للبعد السياسي للمأساة
• دعوة عملية وليست مجرد عاطفية
⸻
الثقة بالشعب العراقي
يشيد البيان بالروح التضامنية المتأصلة لدى الشعب العراقي:
وسيهب الشعب العراقي لتقديم هذه المساعدات ونجدة أشقائه المحرومين …
وهذا يعيد تشكيل الثقة بين القيادة الدينية والقاعدة الشعبية حيث يتم تقديم العراقيين كـ شعب فاعل في القضايا المصيرية رغم ظروفهم الاقتصادية والأمنية الصعبة
⸻
الختام القرآني والدعوة للعمل:
ينهي البيان بآيتين قرآنيتين تؤكدان أن:
1. الله لا يضيع عمل المحسنين
2. كل ما يقدمه المؤمنون سيجدونه عند الله خيرًا وأعظم أجرًا
هذا الختام يعزز الدافع الديني للبذل ويؤسس لفكرة أن الإغاثة مسؤولية شرعية وليست عملًا تطوعيًا محضًا
الختام :
* بيان الشيخ محمد اليعقوبي يتجاوز المجاملة والتعاطف التقليدي إلى دعوة فاعلة للضغط السياسي والإغاثة العاجلة ويعيد صياغة المسؤولية من كونها اختيارية إلى كونها واجبًا دينيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا.
* يثبت هذا البيان أن المرجعية ليست فقط مرجعية فقهية بل أيضًا صوت أخلاقي يقود الأمة في الملمات
كتبه : مرتضى البيضاني
29 محرم 1447 للهجرة