لقد تعالت بعض الأصوات النشاز ضد الحوزة الشريفة ، والتي في الغالب هي من أنكر الأصوات ، بحجة الحرص على الشعب وبالذات الفقراء والمحتاجين منهم ، ودعواهم هي أين الحوزة من أزمة الدولار وأرتفاع أسعار المواد الغذائية؟ .
وللجواب على هؤلاء نقول:
١- إننا كجهة حوزوية كان اعتراضنا واضحا ولم نجامل وصدرت البيانات تلو البيانات والخطب تلو الخطب ضد رفع سعر صرف الدولار منذ أن كان سعره ١٢٠٠ دينار وبينا مخاطر ذلك على الطبقات الدنيا من المجتمع وحصول الركود الاقتصادي في حال إرتفاع سعر صرف الدولار في الوقت الذي طالبت بعض الجهات برفع سعر الصرف وصوتت له عبر ممثليها في مجلس النواب وقد أدعت حينذاك أن رفع سعر الصرف هو ضرورة لتحسين الواقع الاقتصادي للبلاد في حين أثبت الواقع صحة مطالباتنا بعدم رفع سعر صرف الدولار.
٢- اننا وبنفس الوقت الذي لم ولن نوافق على إرتفاع سعر صرف الدولار رغم تمريره فقد قدمنا عدة مقترحات لخفض سعر صرف الدولار مراعاة لأحوال الفقراء والمعوزين .
٣- نطالب وبشدة كل فئات الشعب العراقي بالوقوف في وجه من يتلاعب بمقدرات البلاد بما في ذلك إرتفاع سعر الدولار .
٤- كما نطالب الحكومة العراقية أن لا تجعل الشعب فريسة الصراع الدولي فإما أن تباشر بدخول الشركات العالمية لتعمير البلاد كي تهون على الشعب تحمل العقوبات والصعوبات واما أن تترك التصعيد الاعلامي غير المنتج والذي لا يطور اي واقع عملي ولا يجر علينا إلا الصعوبات والعقوبات بل يبقى في دائرة التصريح وفي خانة العمل السياسي الذي يخلو من اي فائدة عملية ، وهنا يتم تسجيل الوعود الكاذبة من المسؤول في تحسين وتحسن الوضع الاقتصادي .
٥- نسأل الإعلاميين الذين تهجموا على الحوزة الشريفة من دون وجه حق فضلوا وأضلوا ما هي المنجزات التي قدمتموها لخدمة الفقراء ، وهل يوجد غير التهريج والنعيق الذي لا يسمن ولا يغني؟! والمشكلة أنهم يعتبرون أنفسهم بذلك يرعون حقوق الفقراء من دون جهد في حل المشكلة بل زادوا المشكلة تعقيدا لأنهم حولوا البوصلة بإشغال المظلوم عن ظالمه الحقيقي ، بينما الحوزة الشريفة والحمد لله وقفت ومازالت واقفة مع الفقراء في كل المراحل الحرجة وقدمت لهم الغذاء والدواء والكسوة ودور الإيواء رغم قلة ذات اليد وهم بذلك يطبقون قوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر:9) وقد قدمت لهم المواساة الحقيقة اذ عاشت معهم المحنة والألم وهو أمر ليس جديدا علينا فمواقفنا بفضل الله تعالى مشهودة بخلاف أولئك الإعلاميين الذين يعيشون بعيدين عن أهلهم إما خارج البلاد أو في كردستان مرفهين ويقتاتون على موائد رؤوس الأموال من سياسيين وغيرهم وعلى اشعال الصراعات بين الناس وعلى قول القائل رمتني بدائها وأنسلت .
٦- أدعى هؤلاء أن طلبة العلم مترفون ويملكون رواتب من ديوان الوقف الشيعي وهو كذب محض ولكم أن تطلعوا على ذلك من خلال سؤال الدوائر المعنية ، فعدد طلبة العلوم الحوزوية المسجلين في النجف الأشرف يقرب من عشرين ألف طالب علم فكم هو عدد الذين يتقاضون الرواتب الحكومية منهم؟وأما أن يحسب من يرتدي الزي الحوزوي من السياسيين على الحوزة فهذه ظلامة أخرى لأن الساسة وإن أرتدوا الزي الحوزوي لا يمثلون الحوزة الشريفة وسرقاتهم وترفهم لا يمكن تعميمه على جميع الذين يرتدون الزي الحوزوي
ونزيدكم علما أن الأعم الأغلب من طلبة العلم من الفقراء والمعوزين والكثير منهم يسكنون العشوائيات كما هو الحال في حي الرحمة في النجف الأشرف والكثير منهم يسكنون بيوتا مستأجرة بل وحتى بعض المجمعات السكنية التي قام ببنائها بعض العلماء لا يُسمح لطالب العلم السكن فيها أكثر من ثلاثة إلى خمسة سنوات ولذا على المجتمع إن يبحث عن الواقع ولا يتأثر بالإعلام المضلل لأن الواقع يكذب دعوى الخصوم الذين يكيدون للعلم والعلماء بل هم أعداء ويمثلون أجندات داخلية وخارجية لضرب الحوزة العلمية كركيزة قوية ومهمة من ركائز الدين والمجتمع .
٧- إن إعتراض هؤلاء على طلبة العلم كونهم قد أحتجوا على مخالفات شرعية تمس القيم الدينية والأخلاقية والإجتماعية كالاعتراض الذي حصل في بغداد وغيرها من المحافظات ضد حفلات الفسق والفجور وليس على كونهم لم يتحدثوا عن الدولار ، رغم ان هذا الادعاء مجاف للحقيقة كما بينا ذلك ، ثم إن ما قامت به الحوزة وطلبتها من إعتراض على المنحرفين ينطلق من المبادئ الشرعية التي أوجبها الله سبحانه وتعالى وتصب في صالح المجتمع وبنيته الاجتماعية والاخلاقية ، والمعترض على الحوزة يريد منها أن تسكت على إنحرافه لانه يروج للفساد وقد كانت لهم اعتراضات واضحة على المؤمنين الناهين عن المنكر .
٨- نقول ايضا أن هؤلاء المعترضين لم يقدموا الدماء في وقت إستباح الدواعش بلادنا العزيزة كما قدمها طلبة الحوزة الشريفة ، اذ ضحت الحوزة بدمائها ودماء ابنائها ومن تربوا على ايديها ، فهل أستطاع هؤلاء الجبناء أن يقدموا كما قدم طلبة الحوزة الشريفة وإذا قالوا نعم فليقدموا قوائم الشهداء في تلك المعارك ، ولكن الفارق واضح بين من يتعدى على إخوانه وبين من يحامي حتى على من يختلف معهم
٩- واخيرا نقول إن لنا كلام أكثر من هذا الكلام فيما لو عاودوا لهكذا حملات تسقيطية وتحريضية ضد الحوزة الشريفة لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه ومن صارع الحق صرعه والله المستعان وهو ولي التوفيق .
الخطيب الحسيني
السيد رسول الياسري