البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

كيف نستفيد من عاشوراء الحسين (ع)

كيف نستفيد من عاشوراء الحسين (ع)

30 يوليو 2022
613 منذ 3 سنوات

‏بقلم ‏عبد الهادي الطهمازي

تعدُّ مناسبة محرَّم الحرام وذكرى استشهاد ‏مولانا أبي عبد الله الحسين (ع) من ‏المناسبات العظيمة لدى الموالين لآل البيت ‌‏(ع)، وتتنوع أساليبهم في التعبير عن حزنهم ‏وألمهم في مصاب السبط الشهيد وأهل بيته ‏وصحبه الكرام، وهذه الطقوس والممارسات ‏التي يمارسها الموالون لآل البيت في هذه ‏المناسبة غدت معروفة للقاصي والداني، ‏وفيها من الفوائد التربوية والأخلاقية ‏والعقائدية ما يعجز القلم عن تناولها.‏

 

والمهم أن نستفيد من هذه المناسبة استفادة ‏مثلى بحيث تترشح ثمارها عمليا على حياتنا ‏اليومية وسلوكنا الاجتماعي، فضلاً عن كسب ‏ثوابها فإنها أيام يطلب فيها الأجر، خصوصاً ‏مع وجود الدوافع لإحياء الشعائر الدينية بكل ‏صورها.‏

فقد نتثاقل في بعض أيام السنة من الحضور إلى مجلس وعظ وإرشاد لهذا السبب أو ‏ذاك، أما في شهر محرَّم فلدينا الاستعداد ‏والرغبة لحضور أكثر من مجلس في اليوم ‏الواحد، والمساهمة في النشاطات الدينية ‏الأخرى.‏

فينبغي أن نستغل هذا الإقبال على الله ‏والانفتاح على الدين في نفوسنا، فإنها فرصة ‏عظيمة للتقرب الى الله، وبناء الذات ‏وتهذيبها أخلاقياً وثقافياً وسلوكياً، وترميم ‏علاقاتنا الاجتماعية مع المؤمنين الذين ‏يشاطروننا الرأي والعقيدة.‏

وأجلُّ ما يمكن حصده في هذه المناسبة ‏العظيمة الأجر الأخروي، خصوصاً مع البناء ‏على نظرية تداخل المستحبات، فإن تعدد ‏النية في العمل الواحد تزيد ثواب ذلك العمل، ‏فيمكن أن نحضر مجلس عزاء حسيني بنيات ‏عديدة؛ لينال المؤمن على كل نية منها ثوابها ‏الخاص، فيمكن جمع النيات التالية عند ‏حضور المجلس الحسيني:‏
‏

1- الاستفادة العلمية والثقافية مما يتناوله ‏الخطباء على المنبر في مختلف مجالات الفكر ‏الإنساني، ففي الحديث الشريف: ((من سلك ‏طريقا يلتمس به علما، سهَّل الله له طريقا ‏إلى الجنة))‏. ‏
‏

2- مواساة أهل البيت (ع)، إذ لاشك أنها ‏كانت مناسبة أليمة أقضت مضاجع العترة ‏الطاهرة، وأدمت قلوبهم، وأجرت عيونهم، ‏فلنكن كما كانوا، ولنصنع كما صنعوا، ‏ولنحزن كما حزنوا، قال أبو عبد الله ‏الصادق (ع): ((رحم الله شيعتنا، شيعتنا ‏والله المؤمنون، فقد والله شركونا في المصيبة ‏بطول الحزن والحسرة))‏ ‏.‏
‏

3- وثمة نية ثالثة عظيمة الدرجة، كبيرة ‏الأثر، يمكن أن يستحضرها المؤمن وهو ‏يشارك في الشعائر الحسينية، ألا وهي إغاظة ‏الكافرين والناصبين لآل النبي (ص) ‏الحرب، وهي نوع من الحرب النفسية شجَّع ‏القرآن الكريم عليها كثيرا، قال تعالى: ((مَا‎ ‎كَانَ‎ ‎لأَهْلِ‎ ‎الْمَدِينَةِ‎ ‎وَمَنْ‎ ‎حَوْلَهُم مِّنَ‎ ‎الأَعْرَابِ‎ ‎أَن‎ ‎يَتَخَلَّفُواْ‎ ‎عَن‎ ‎رَّسُولِ‎ ‎اللَّهِ وَلاَ‎ ‎يَرْغَبُواْ‎ ‎بِأَنفُسِهِمْ عَن‎ ‎نَّفْسِهِ‎ ‎ذَلِكَ‎ ‎بِأَنَّهُمْ‎ ‎لاَ‎ ‎يُصِيبُهُمْ‎ ‎ظَمَأٌ‎ ‎وَلاَ‎ ‎نَصَبٌ وَلاَ‎ ‎مَخْمَصَةٌ‎ ‎فِي‎ ‎سَبِيلِ‎ ‎اللَّهِ ‏وَلاَ‎ ‎يَطَؤُونَ‎ ‎مَوْطِئًا‎ ‎يَغِيظُ الْكُفَّارَ‎ ‎وَلاَ‎ ‎يَنَالُونَ‎ ‎مِنْ‎ ‎عَدُوٍّ‎ ‎نَّيْلاً‎ ‎إِلاَّ‎ ‎كُتِبَ‎ ‎لَهُم بِهِ‎ ‎عَمَلٌ‎ ‎صَالِحٌ‎ ‎إِنَّ‎ ‎اللَّهَ لاَ‎ ‎يُضِيعُ‎ ‎أَجْرَ‎ ‎الْمُحْسِنِينَ))‏، فهذه ‏الجموع الزاحفة إلى أربعين الحسين مثلاً، أو ‏تلك التي تكتظ بها المساجد والحسينيات ‏تشعل جذوة الغيظ في قلوب الكافرين ‏والمعاندين، والذين يرون أن سعيهم الحثيث ‏لطمس ذكرى الحسين (ع) وشعائرها قد ‏خاب ((وَقَدِمْنَا‎ ‎إِلَى‎ ‎مَا‎ ‎عَمِلُوا‎ ‎مِنْ‎ ‎عَمَلٍ‎ ‎فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء‎ ‎مَّنثُورًا))‏‏.‏
‏

4- كما يمكن أن نضيف إلى هذا وذاك نية ‏التزاور والتقاء المؤمنين، وتجاذب أطراف ‏الحديث معهم، ولهذا العمل وحده فضلاً ‏كبيراً بحيث كان يتمنى الإمام الباقر (ع) لو ‏كان حاضراً هذه المجالس، فعن ميسر قال: ‏قال لي أبو جعفر (ع): ((أتخلون وتتحدثون ‏وتقولون ما شئتم؟ فقلت: إي والله إنا لنخلو ‏ونتحدث ونقول ما شئنا، فقال: أما والله ‏لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن، أما ‏والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم، وإنكم على ‏دين الله ودين ملائكته فأعينوا بورع ‏واجتهاد))‏‏. ‏

والملفت في الحديث أن الإمام (ع) لم يقيد ‏الحديث بكونه في ذكر فضائل آل البيت (ع)، ‏بل ما شاؤوا أن يتحدثوا به شرط ألا يكون ‏معصية لله، ومنهم نفهم أن مجرد مجالسة ‏الأخوان وتجاذب أطراف الحديث معهم، وإن ‏كان في أمور الدنيا، ولم يكن فيه معصية ‏مرغوب عند آل البيت، ويتمنى الإمام أن لو ‏يحضر تلك المجالس.‏

ولهذه الشعائر فوائد أخرى تربوية ‏واجتماعية وثقافية، فيمكن أن تستثمر في ‏تنمية روح التعاون بين أبناء المجتمع، فهذه ‏المناسبة تهب لنا الفرصة لتدريب أنفسنا ‏على التعاون مع الآخرين، وقضاء حوائجهم ‏والاهتمام بشؤونهم.‏

‏ وفي السياق الاجتماعي هذا يمكن نشر روح ‏المودة والألفة بين المؤمنين.‏
‏

إن الإنسان بطبيعته يتوجس من الآخرين، ‏ولكن إذا خالطهم وعاشرهم عن قرب يزول ‏ذلك التوجس، وهذا هو سر الدعوة إلى ‏التواصل والاختلاط بالناس، فكثيراً ما نرى ‏أشخاصاً لا تركن إليهم نفوسنا، وربما ‏انتابنا الشعور بكرههم والنفور منهم، ولكن ‏إذا جالسناهم وتحدثنا إليهم تتغيَّر هذه ‏النظرة.‏

والخلاصة: إن نشر روح المحبة والتوافق بين ‏أبناء المجتمع يحققه الحضور الى مجالس ‏عاشوراء الحسين (ع)، ولذا ركَّز الإسلام ‏على ظاهرة التجمع والتزاور، واعتبرهما ‏غاية مهمة، فما تشريع الوقوف بعرفة، ‏وصلاة الجمعة، والجماعة إلا لتحقيق هدف ‏التقاء الناس ببعضهم والتعارف فيما بينهم، ‏ولو أردنا تعداد فوائد التجمع والتواصل مع ‏الناس لطال بنا الحديث.‏

وتغذي هذه المجالس والشعائر عامة المد ‏العاطفي، فإن أي مذهب من المذاهب أو ‏عقيدة من العقائد لا يمكن أن تترسخ في ‏قلوب معتنقيها وتستمر ما لم يتح لها ‏عنصران: أولهما علمي، والآخر عاطفي، ‏فالعلم ركيزة هامة في العقيدة، فالدين أو ‏العقيدة يجب أن تتماشى مع أسس العقل ‏والنقل، وتقوم على أساس علمي سليم لا على ‏خرافة أو أسطورة أو فكرة لا مستند لها ولا ‏أساس.‏

والعاطفة ركيزة أخرى فليس كل الناس ‏يخاطبون بطريق العلم واستدلالاته المنطقية، ‏بل جلُّ الناس يتأثر بالموقف الانفعالي ‏العاطفي، نعم ينبغي أن لا تطغى العاطفة ‏على العلم ويكرَّس القائمون على عملية ‏التبليغ الديني كل جهدهم لها؛ لأن العلم قد ‏يأتي بالعاطفة إلا إن العاطفة لا تأتي بالعلم، ‏قال تعالى: ((قُلْ‎ ‎آمِنُواْ‎ ‎بِهِ‎ ‎أَوْ‎ ‎لاَ‎ ‎تُؤْمِنُواْ‎ ‎إِنَّ‎ ‎الَّذِينَ‎ ‎أُوتُواْ‎ ‎الْعِلْمَ‎ ‎مِن‎ ‎قَبْلِهِ‎ ‎إِذَا‎ ‎يُتْلَى عَلَيْهِمْ‎ ‎يَخِرُّونَ‎ ‎لِلأَذْقَانِ‎ ‎سُجَّدًا‎ ‎وَيَقُولُونَ‎ ‎سُبْحَانَ‎ ‎رَبِّنَا‎ ‎إِن‎ ‎كَانَ وَعْدُ‎ ‎رَبِّنَا‎ ‎لَمَفْعُولاً‎ ‎وَيَخِرُّونَ‎ ‎لِلأَذْقَانِ‎ ‎يَبْكُونَ‎ ‎وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا))‏ ، ‏فالعاطفة في منظور الآية الشريفة تغذت من ‏العلم وتقوَّت به، ومن دون العلم تظل ‏العواطف تخبط خبط عشواء، وقد لا تهتدي ‏إلى الرشد سبيلاً.‏

إن مناسبة عاشوراء الحسين (ع) مدرسة ‏متنقلة، وظاهرة فريدة في مجتمعنا، يجب ‏على القائمين عليها استغلالها، لبث الوعي ‏في صفوف أبناء مجتمعنا، وإيقاف الجمهور ‏على المعارف الإسلامية الحقة، فتراثنا يمتد ‏إلى قرون من الزمان، وهو تراث خصب ثرٌّ ‏معطاء، ما أحوجنا إلى لفت أنظار جمهور ‏الأمة إليه لاستلهامه وأخذ العبر والدروس ‏منه، وصدق من قال: إن الحسين (ع) عَبرة ‏وعِبرة.‏

 

 

 

يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

 

‏ ‏

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

إصلاح ذات البين

“لطائف قرآنية”.. العفّة والحياء في القرآن الكريم

تعلموا فإن العلم حياة

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر ربيع الاول

شهادة الامام الحسن العسكري ع

8

ولادة النبي الاكرم (ص)

17

ولادة الامام جعفر بن محمد الصادق ع

17

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية