يهدف مشروع قانون العنف الأسري المطروح من قبل مجلس الوزراء الى تحويل العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة المبنية على أساس التراحم والمودة والرابطة المتماسكة الى شكل جديد من العلاقة يجعل الأصل فيها الخصومة والندية وتنمية النزعة الفردية الانفصالية مقدمة لنشر الخصومة والخلاف وإدامته بين أفراد المجتمع الواحد.
فالعلاقة بين أفراد الأسرة مفطورة على رعاية مصالح أفرادها مجتمعة ويشتد استقرارها بمقدار دوام هذا الشعور الجامع لأفرادها.
بينما نجد قانون العنف الأسري يسعى لتهديد هذا الاستقرار فالوالدان المزودان بفطرتهما على الشعور بان اولادهم جزء من وجودهم يتحرك في الواقع الخارجي بل هم كل وجودهم ومايستتبع ذلك من حرص على حمايتهم من كل المخاطر المهددة لحياتهم الصحية والأمنية والثقافية والتربوية والأخلاقية عنصر ضمان أكيد لتحقيق مصالحهم ودفع الأضرار عنهم ، وواجب التربية المسند لهما ناشئ ومستند لهذه الضمانات المودعة في خلقتهم وتكوينهم.
أما إذا شذّ وانحرف الوالدان عن هذا الشعور والمسؤولية الوجدانية تجاه أولادهم فعندها فقط يمكن التفكير بمحاسبتهم لان الغرض الأصيل من تلك الولاية ينتفي وهو ماكان ملاك ومبرر منحها للوالدين.
لكن مانراه في قانون العنف الأسري على العكس من هذه الحقائق المرتكزة على بناء تكويني في خلقة الإنسان ، فيسعى لشطب هذه الوظيفة الفطرية للوالدين في الرعاية والإرشاد والتحصين للأولاد من شرور وأضرار البيئة الاجتماعية الأخلاقية والثقافية والفكرية والسلوكية.
والهدف من كل ذلك انتاج فرد منفصل عن قيم واخلاق وأعراف مجتمعه الكريمة ليسهل سلب حريته وامتهان كرامته والعبث بحقوقه.
ناصر عباس