البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

‘محمد النجفي‘ يكتب.. عبرة ودرس من الماضي حتى لا نتعثر في المستقبل

‘محمد النجفي‘ يكتب.. عبرة ودرس من الماضي حتى لا نتعثر في المستقبل

11 أغسطس 2020
1686 منذ 5 سنوات
 درس مهم من حياة الشهيد الصدر الثاني وكلمة المرجع اليعقوبي حول مريم بنت عمران (ع)

قبل تصدي السيد الشهيد الصدر (قدس سره) كانت الأوضاع في العراق توحي أنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق ولا بصيص أمل فمن جهة القبضة الحديدية لحكومة البعث المجرم برئاسة الطاغية صدام وأحد مشاهدها كان أفراد العائلة الواحدة يخشى بعضهم من البعض الآخر فضلا عن الجيران حتى باتت عبارة (اش الحائط اله أذان) كثيرة التداول … ومن جهة أخرى مرجعية السيد الخوئي (قدس سره) التي اقتصر عملها على الدرس وليس لها هم في العمل الاجتماعي وتوعية المجتمع مع تحكم أنجاله بوضع الحوزة كما يشاؤون ومن جهة أخرى الانتفاضة الشعبانية التي اندلعت ومشاركة بعض المراجع فيها واعتقال بعضهم وكان ممن اعتقل السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره).

عند التأمل بهذا الوضع المأساوي سيرى المثقف أن الوضع يبعث على الاحباط وفقدان الأمل ولكن من هذا الاحباط وفقدان الأمل لدى أغلبية الشعب العراقي بزغ نور الفرج على يد العارف بالله السيد الشهيد الصدر (قدس سره) الذي قطعا وبلا أدنى شك أنه ينظر بنور الله (المؤمن ينظر بنور الله) فأوهم السيد الشهيد (قدس سره) النظام الطاغوتي البعثي بأنه شخص يمكن أن ينفعهم وكان ذكاء منه (قدس سره) وتحمل ما تحمل من أجل مصلحة الاسلام والأمة… وقد نجح (قدس سره) في مخططه وهو فرد مقابل دولة متجذرة بالقسوة والإجرام وسفك الدماء فبدأت حركة السيد الشهيد الصدر وأخذت بالاتساع ولم يمنحهم شيء يذكر بل حدث العكس وقد اكتشف النظام حقيقة الأمر سريعا نتيجة لسلوك السيد الشهيد الصدر (قدس سره) وبدأت المضايقات والحرب …[ 1 ]

كانت تضحية السيد الشهيد الصدر عظيمة شكرها العلماء المخلصون والمؤمنون الواعون واستغلها العلماء الحاسدون الحاقدون الذين تهمهم مصالحهم فقط أما مصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين والأمة فليست من ضمن اهتماماتهم إلا بمقدار ما توفر لهم القداسة وترسخ السلطة الدينية بيدهم لهذا شن عليه الكثير سواء في داخل الحوزة أو خارجها وفي داخل العراق وخارجه حربا شعواء ولم يدخروا جهدا في تشويه صورته وسمعته في حين نجد أن العلماء المخلصين والمؤمنين الواعين موقفهم الدفاع عنه وحمله على محل حسن قال أحد علماء ايران وكان جده مرشحا لخلافة السيد الخوئي بخصوص تصدي السيد الشهيد الصدر (قدس سره) للمرجعية: إذا قبل محمد الصدر بالفعل ما يريده النظام العراقي بخصوص المرجعية الدينية فإن ذلك يعني أنه يضحى بسمعته وتاريخه الديني للحفاظ على الحوزات الدينية في العراق”.
وسئل عن علاقة السيد الشهيد الصدر بالنظام العراقي أجاب: أن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد أن الصدر “عالم دين مخلص” لكنه يخشى إن لم يقبل بالمرجعية – في العراق طبعا – أن “يلجأ النظام العراقي إلى اختيار مرجع آخر ينفذ له كل ما يريد”[ 2 ].

كان لدى هذا العالم درجة عالية من الورع في تصريحه هذا واكيد بنى تصريحه على المعرفة المسبقة بتاريخ السيد الشهيد الصدر (قدس سره) … فهو أبرز تلامذة السيد الشهيد الصدر الأول (قدس سره) وعانى كثيرا بسبب ذلك من قبل الأجهزة القمعية وقد تحدث (قدس سره) عن بعض ما لاقاه في لقاء الحنانة …

فتاريخ السيد الشهيد الصدر وعائلته معروف واستاذه السيد الشهيد الصدر الأول (قدس سره) الذي أشاد به وتهذيب نفسه وتربيتها وزهده يستدعي من جميع المتورعين أن يحسنوا الظن به ويدافعوا عنه وعلى أقل التقادير التأني في اطلاق الحكم عليه …
ومن هذه الحادثة يمكننا فهم معنى مهم من كلمة المرجع اليعقوبي (دام ظله) التي كانت حول مريم (عليها السلام) والتي كانت بعنوان ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ) (مريم:16) مريم الصدّيقة الطاهرة برؤية قرآنية) حيث استخلص سماحته من الآية الكريمة على ضوء كلمة للإمام الجواد (عليه السلام) العوامل التي صنعت هذه الشخصية الفذة وهي:

1- الأسرة الكريمة والمنبت الطاهر قال تعالى (وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا) (آل عمران:37) …
2- المربّي الناصح المخلص العارف وقد حظيت مريم برعاية مباشرة وباهتمام خاص من نبي الله زكريا (عليه السلام) …
3- توفر البيئة المناسبة والمساعدة على الصلاح …
4- الوازع الداخلي والإرادة الجدية لفعل الخير وسلوك طريق الصلاح والعزم الراسخ على الالتزام به مهما تعاظمت الضغوط النفسية والاجتماعية ومهما تزينت الإغراءات[ 3 ].

وعندما جاءت مريم بوليدها فرغم أن الموقف صعب إلا أن عارفي مقام مريم (عليها السلام) والمؤمنين حقا كان ايجابيا منها أما لئام الناس والحاسدين والحاقدين فكان موقفهم مخزيا وهذا ما أشار إليه المرجع اليعقوبي بقوله:
(ففقدوها في المحراب فخرجوا في طلبها) ولما جاءتهم بالوليد المبارك حدث ما هو متوقع من #لئام_الناس (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) (النساء:156) (قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا) (مريم:27) واتهموها

بممارسة الفاحشة وهنا تدخلت القدرة الربانية لتنطق الوليد المبارك بكلمات أدهشت الحسّاد والمعاندين وأخزتهم ونصرت العفيفة الطاهرة[ 4 ].

ومن هذه الحادثة كأن المرجع اليعقوبي يقول لنا أنه ينبغي على المرء اذا عرف شخصا ما قد توفرت فيه هذه العوامل التي هي عوامل تكوين الشخصيات الفذة فعليه على أقل التقادير التمهل في إطلاق الحكم ضده …
توجد الكثير من المواقف التي تبين ضرورة أن يكون الموقف ايجابيا مع هكذا شخصيات توفرت فيها عوامل تكوين الشخصية الفذة …
من هذه المواقف موقف المرجع اليعقوبي في دعم السيد الشهيد الصدر (قدس سره) رغم شراسة حملات التسقيط التي شنت عليه من مختلف الجهات ولهذا أشاد السيد الشهيد (قدس سره) بوقفة المرجع اليعقوبي وشكرها وسجلها له حيث قال في لقاء مسجل: الشخص يعني الرئيسي الاول يعني حقيقة ناصرني في ظرف شدتي هو الشيخ محمد اليعقوبي[ 5 ].

ما هي هذه الشدة التي قصدها الشهيد الصدر؟
وقد أوضح المرجع اليعقوبي ما هي الشدة التي قصدها السيد الشهيد الصدر (قدس سره) بقوله هذا:
هي تلك الايام الأولى التي كثرت سهام الاتهام عليه والدولة أوعزت الى المرتبطين بها من الأوقافين كنا نسميهم وبعض رجال الدولة ان يلتفوا حول السيد الصدر والترويج لمرجعيته فانسحب المؤمنون…[ 6 ]

وقد أشاد السيد الشهيد الصدر (قدس سره) بالمرجع اليعقوبي وأظهر كيف أنه مؤمن وواثق بمرجعيته وهذا ما اتضح في قول السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) للمرجع اليعقوبي: أنت تعرفني معرفة لو رأيتني أقبل يد صدام حسين لما شككت بي[7 ].

الإمام الصادق (عليه السلام) في موكب الحاكم الجائر المنصور الدوانيقي

عن حمران قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) و ذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال: إني سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل ومن خلفه خيل وأنا على حمار إلى جانبه فقال لي: يا أبا عبد الله قد كان فينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة وفتح لنا من العز ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الامر منا وأهل بيتك فتغرينا بك وبهم[ 8 ]، قال: فقلت: ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب فقال: لي أتحلف على ما تقول؟ فقلت: إن الناس سحرة[ 9 ] يعني يحبون أن يفسدوا قلبك علي فلا تمكنهم من سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا فقال لي: تذكر يوم سألتك هل لنا ملك؟ فقلت: نعم طويل عريض شديد فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام، فعرفت أنه قد حفظ الحديث، فقلت: لعل الله عز وجل أن يكفيك[ 10 ] فإني لم أخصك بهذا وإنما هو حديث رويته ثم لعل غيرك من أهل بيتك يتولى ذلك فسكت عني، فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال: جعلت فداك والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته، فقلت بيني وبين نفسي: هذا حجة الله على الخلق وصاحب هذا الامر الذي يقتدي به وهذا الآخر يعمل بالجور ويقتل أولاد الانبياء ويسفك الدماء في الارض بما لا يحب الله وهو في موكبه وأنت على حمار فدخلني من ذلك شك حتى خفت على دينى ونفسي، قال: فقلت: لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه فقال: الآن سكن قلبي …[ 11 ]

لاحظوا نتيجة موقف واحد كاد أن يذهب دينه ولكن من لطف الله به أنه لجأ إلى الإمام واستفسر منه فتداركه لطف الله وسكن قلبه …

وهناك الكثير من المواقف في حياة الأئمة (عليهم السلام) …
ومما تقدم يتضح لنا أنه من الضروري أن نكون واعين وأن نتمهل في إصدار الحكم تجاه شخصيات توفرت فيها هذه العوامل خاصة ونحن نعيش وسط اختناقات سياسية واقليمية ودولية وتدخلات كبيرة جدا في العراق والكل ينهش بالعراق وكأنه يمر نفس المرحلة التي مر بها العراق قبل تصدي الشهيد الصدر فظهر السيد الشهيد الصدر (قدس سره) على الساحة وتصدى ولم يكن هذا التصدي ممكنا لولا شجاعة الشهيد الصدر وذكاءه حينما حيث أوهم النظام الطاغوتي أنه يمكن أن ينفعهم وقلب الطاولة على رؤوس النظام وأحدث حركة اسلامية كبيرة وواسعة لم ولن تنتهي باستشهاده (قدس سره) وقد رأينا الكثير من ثمراتها وإن لم يلحظها الكثيرون والتي أهمها إيجاد القيادة الرسالية التي تتابع المسيرة وقد اثبتت كفاءتها في مواجهة التحديات رغم كثرتها واتساعها … ومن ثمراتها اسقاط الطاغية صدام

قال المرجع اليعقوبي:
إن التغيير وإن حصل ظاهراً على يد الولايات المتحدة وحلفائها وهو صحيح لأن الظالم لا يقدر عليه إلا من هو أظلم منه إلا أنّ المسبب الحقيقي هو الله تبارك وتعالى وبيده الأمور كلها [لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ] (الأعراف:54)، وما هذه الأسباب الطبيعية إلا وسائل وأدوات يهيئها الله تبارك وتعالى عند تحقق الشرط، وشرط تغيير الظلم وإزالته هو عودة الأمة إلى ربها ودينها والتزامهم بشريعته قال تعالى: [إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأنفسهِمْ] (الرعد:11)[ 12 ].

ولما رأت أمريكا ان الحركة الاسلامية في اتساع رأت أن تتدخل بنفسها وهذا ما أشار اليه بوضوح المرجع اليعقوبي في خطاب له:

إن أمريكا هي التي جاءت بعميلها ودربته ومكنته وسكتت عن جرائمه ودافعت عنه، ولكنه لما فشل في القضاء على الإسلام بالوسائل الوحشية وامتدت حركة الإسلام والعودة إلى الله تبارك وتعالى لتشمل أغلب هذه الأمة الكريمة، رأت أمريكا أن تتدخل بنفسها وبأساليب اشد مكراً وخبثاً، فإن ظاهرها الحرية والديمقراطية والتحضر ونحوها من العناوين البراقة، لكنها تستبطن السم الزعاف[ 13 ].

ومما تقدم يمكننا أن نعرف حجم التحديات وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقنا فأمريكا جاءت بنفسها لذا علينا ان نتحلى بأعلى درجات الوعي لأن هذه المواجهة لا ينتصر بها إلا من كان أكثر وعيا ولم تقصر المرجعية الرسالية سواء كان الشهيدان الصدران (قدس سرهما) والمرجع اليعقوبي أو العلماء العاملون الرساليون في سعيهم لاستنقاذ الناس من الجهالة وحيرة الضلالة … فإننا بمطالعة كتبهم ومواقفهم وخطاباتهم بتأمل يزداد وعينا ونفهم من خطابات المرجعية الرشيدة ما لا تفهمه قوى الشر والظلام وكلما اقتربنا من زمن الظهر كان لزاما علينا أن يتعمق فهمنا ووعينا أكثر …
وفي الختام ينبغي ان تكون هذه الكلمات ماثلة أمام أعيننا في هذا الوقت وكل وقت …

هوامشـــــــــــــــــــ
[1] أنظر: كلمة لقاء اذاعة البلاد مع المرجع اليعقوبي في الذكرى السادسة لاستشهاد الصدر المقدس ذ.ق 1425هـ / كانون الأول 2004م (تسجيل فيديوي).
[2] مجلة الوسط العدد (54) الصادر بتاريخ 16 – 8 – 1413هـ الموافق 8 – 2 – 1993م.
[3] نشرة الصادقين العدد (202) الصادر بتاريخ 27 ذو الحجة 1441هـ الموافق 19 تموز 2020م.
[4] المصدر السابق. وأنظر أيضا الكلمة المسجلة.
[5] لقاء البراني (تسجيل صوتي).
[6] لقاء قناة المسار مع سماحته (تسجيل فيديوي).
[7] لقاء اذاعة البلاد مع سماحة المرجع اليعقوبي، مصدر سابق. لقاء قناة المسار الفضائية (تسجيل فيديوي)
[8] الاغراء : التحريض على الشر .
[9] والسحر في كلامهم صرف الشئ عن وجهه .
[10] اي يصونك من أن يقع منك هذا الامر .
[11] الكافي ج8 ص37.
[12] خطاب المرحلة ج3 ص103. تاريخ الخطاب 2 تموز 2003.
[13] المصدر السابق ص74. تاريخ الخطاب 16 حزيران 2003.
بقلم محمد النجفي

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

يوم الغدير: عقيدة والتزام وتضحية

المرجعية بين الانكفاء والتجدد: بوصلة الشيعة في زمن التحوّلات الكبرى

المرجعية الرسالية في النجف الأشرف: من الثبات إلى التمهيد – قراءة في مشروع المرجع الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر رمضان

وفاة الصديقة خديجة الكبرى عليها السلام

10

ولادة سبط النبي الاكرم (ص) الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام

15

شهادة مولى المتقين الامام علي عليه السلام

21

ليلة القدر

23

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية