البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

شهادة الزهراء (ع)ومدّة بقائها بعد أبيها (ص)

شهادة الزهراء (ع)ومدّة بقائها بعد أبيها (ص)

17 ديسمبر 2018
917 منذ 6 سنوات

لمّا قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)ونال الزهراء (عليها السلام)ما نالها من القوم، لزمت الفراش، ونحل جسمها ومرضت مرضاً شديداً ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت (صلوات الله عليها)  وكان أمير المؤمنين (عليه السلام)يمرضها بنفسه ، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس .  فلمّا نعيت إليها نفسها، أوصت أمير المؤمنين (عليه السلام)أن يتزوج بابنة أُختها أُمامة بنت زينب بنت رسول الله لحبّها لاَولادها،

وأن يتخذ لها نعشاً وصفته له ، وأن لا يدع أحداً يشهد جنازتها ممن ظلمها ، ولا يصلي عليها أحد منهم ، وأن يتولى أمرها بنفسه ، ويدفنها في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار .

وروي أنّ أسماء بنت عميس هي التي وصفت صورة النعش لفاطمة (عليها السلام) قبل وفاتها ، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)أنه قال : « أول نعش أُحدث في الإسلام نعش فاطمة (عليها السلام)، إنّها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها ، وقالت لاَسماء : إنّي نحلت وذهب لحمي ، ألا تجعلي لي شيئاً يسترني؟ قالت أسماء : إنّي كنت بأرض الحبشة ، فرأيتهم يصنعون شيئاً ، أفلا أصنع لك ، فإن أعجبك صنعت لك؟ قالت : نعم . فدعت بسرير فأكبّته لوجهه ، ثمّ دعت بجرائد فشددتها على قوائمه ، ثم جلّلته ثوباً ، فقالت : هكذا رأيتهم يصنعون . فقالت (عليها السلام): اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار » .

قال ابن عباس رضي الله عنه : فقبضت فاطمة (عليها السلام)فارتجّت المدينة بالبكاء من ، الرجال والنساء ، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) واجتمعت نساء بني هاشم في دارها ، فصرخن صرخة واحدة ، كادت المدينة تتزعزع من صراخهن ، وهن يقلن : يا سيدتاه ، يا بنت رسول الله ، وأقبل الناس إلى علي (عليه السلام)مثل عرف الفرس وهو جالس ، والحسن والحسين (عليهم السلام)بين يديه يبكيان ، فبكى الناس لبكائهما .
وخرجت أُمّ كلثوم (عليها السلام)وعليها برقعها تجرّ ذيلها ، متجلّلة برداء عليها تسحبه ، وهي تقول : يا أبتاه ، يا رسول الله ، الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً  .

وروي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وقع على وجهه وهو يقول : « بمن العزاء يا بنت محمد ، كنت بك أتعزّى ، ففيم العزاء من بعدك؟ ».

واجتمع الناس وهم يرجون أن تخرج جنازة الزهراء (عليها السلام)فيصلّوا عليها ، فخرج أبو ذر رضي الله عنه وقال : انصرفوا ، فإنّ ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)قد أُخّر إخراجها في هذه العشية ، فقام الناس وانصرفوا .
غُسلها (عليها السلام):

لمّا توفيت فاطمة (عليها السلام)قام أمير المؤمنين (عليه السلام)بجميع ما أوصته ، فتولى غسلها بنفسه ، وكفّنها في سبعة أثواب. وقيل : أعانته على غسلها أسماء بنت عميس بوصية من الزهراء (عليها السلام)، وروي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)أمر الحسن والحسين (عليهما السلام)يدخلان الماء، وكانت أسماء تصبّ عليه  .

ولم يحضرها إلاّ الحسن ، والحسين ، وزينب ، وأُمّ كلثوم ، وفضة جاريتها ، وأسماء بنت عميس .

وعن أُمّ سلمة ، وسلمى امرأة أبي رافع ، وعبدالله بن محمد بن عقيل ، قالوا : إنّ الزهراء (عليها السلام)اغتسلت قبل مماتها كأحسن ما كانت تغتسل ، وتحنّطت ولبست ثيابها الجدد ، واستقبلت القبلة ، وقالت : « إنّي مقبوضة فلا أكشفن ، فاني قد اغتسلت » فتوفّيت (عليها السلام)وحملها علي (عليه السلام)بغُسلها.

وهذا الخبر معارض بما تقدّم من وصيتها بالغُسل ، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)تولّى غسلها ، كما أنّ الحكم على خلافه ، إذ لا يجوز الدفن إلاّ بعد الغسل سوى في مواضع ليس هذا منها .

وأوّل العلاّمة المجلسي رحمه الله هذا الخبر بكونها (عليها السلام)لم تنه عن الغسل ، بل نهت عن كشف بدنها لغرض التنظيف، فجمع بين الخبرين ، مستدلاً برواية ورقة بن عبدالله الأزدي ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)قال : « والله لقد أخذت في أمرها ، وغسلتها في قميصها ، ولم أكشفه عنها ، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهّرة ».

وقال سبط ابن الجوزي : قد تكون مخصوصة بذلك، وبنحوه قال علي ابن عيسى الاربلي .

وقال السيوطي : هذا حديث غريب ، وإسناده جيد … فإن صحّت هذه القصة ، عُدّ ذلك في خصائصها .
الصلاة عليها (عليها السلام):

تولّى أمير المؤمنين (عليه السلام)الصلاة على فاطمة (عليها السلام)وكبر خمساً، وكان معه الحسن والحسين (عليهما السلام) ونفر من بني هاشم ومن خواصه (عليه السلام)، منهم العباس عمه ، وعقيل ، والفضل بن العباس ، وأبو ذر ، وسلمان ، والمقداد ، وحذيفة ، وعبدالله بن مسعود ، وعمّار ، والزبير ، وبريدة.

وقد وضع البعض رواية شاذة نادرة ، مفادها أن أبا بكر صلّى على فاطمة (عليها السلام)وكبّر أربعاً. والهدف من وضع هذه الرواية واضح ، هو الدلالة على أن فاطمة (عليها السلام)ماتت وهي راضية عن الشيخين ، لكنها معارضة لما روي في الصحيح من أن الزهراء (عليها السلام)ماتت وهي ساخطة عليهما وأوصت أن لا يحضرا جنازتها ، ولا يصليا عليها ، ولمّا ماتت دفنها زوجها علي (عليه السلام)ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها علي (عليه السلام)(26)، وقد ردّ كثير من الأعلام هذه الرواية وكذّبوها.

قال سلامة الموصلي :

لمّـا قضت فاطم الزهراء غسّلها * عـن أمـرها بعلها الهادي وسبطاها
وقـام حتى أتى بطن البقيع بهـا * ليــلاً فصلّـى عليها ثـمّ واراهـا
ولـم يصـلِّ عليها منهـمُ أحـدٌ * حاشا لها من صلاة القوم حاشاها

دفنها :  لمّا جنّ الليل ومضى شطره ونامت العيون ، أخرجها أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام)ومعهم نفر من بني هاشم وبعض من خواصّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، ودفنوها في جوف الليل ، وغيّبوا قبرها ، وسوّى علي (عليه السلام)حواليها قبوراً مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها ، وسوّى قبرها مع الأرض ليخفى موضعه ، وروي أنّه (عليه السلام)رشّ أربعين قبراً حتى لا يبين قبرها من غيره من القبور فيصلّوا عليها.
وسُئل ابن عباس : متى دفنتم فاطمة (عليها السلام)؟ فقال : دفناها بليلٍ بعد هدأة . قيل : فمن صلّى عليها؟ قال : علي (عليه السلام).

قال الشيخ كاظم الاُزري رحمه الله : :

ولاَيّ الاُمـور تـدفـن سـراً * بضعة المصطفى ويعفى ثـراها
فمضت وهي أعظم الناس وجدا * في فـم الدهر غصّة من جواها
وثوت لا يرى لها الناس مثوى * أيّ قـدس يضمّـه مثـواها

وعن الأصبغ بن نباته ، أنه سأل أمير المؤمنين (عليه السلام)عن علّة دفنه لفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)ليلاً . فقال (عليه السلام): « إنّها كانت ساخطة على قومٍ كرهت حضورهم جنازتها ».

وعن علي بن أبي حمزة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام)لاَيّ علّة دُفِنت فاطمة بالليل ، ولم تدفن بالنهار؟ فقال (عليه السلام): « لاَنّها أوصت أن لا يصلي عليها رجال ».

وهكذا يغيّب قبر أحبّ الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)وأعزّهم عليه في مجتمع لم يبل فيه قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحُرِمت الاُمّة من قدس الزهراء (عليها السلام)وثواب زيارة بقعتها حتى قيام الساعة .

لقد عبّرت الزهراء (عليها السلام)في وصيتها بتغييب قبرها عن مظلوميتها واغتصاب حقوقها ، فجعلت ذلك موضع تساؤل عبر الأجيال يحكي قصة ظلامة الزهراء (عليها السلام)وهضم حقوقها والاعتداء عليها ، وقد بانت آثار ذلك منذ صبيحة الليلة التي دفنت فيها .

روى محمد بن همام باسناده عن رجاله ، قال : إنّ المسلمين لما علموا وفاة فاطمة (عليها السلام)جاءوا إلى البقيع ، فوجدوا فيه أربعين قبراً ، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور ، فضجّ الناس ، ولام بعضهم بعضاً ، وقالوا : لم يخلف نبيكم إلاّ بنتاً واحدة ، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها ولا دفنها ولا الصلاة عليها ، ولا تعرفوا قبرها؟! .

ندبة علي (عليه السلام)عند دفن الزهراء (عليها السلام):

وعبّر أمير المؤمنين (عليه السلام)عن تلك المظلومية حينما فرغ من دفن الزهراء (عليها السلام)، حيث هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه ، وحوّل وجهه إلى قبر أخيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقال : « السلام عليك يا رسول الله ، عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والبائنة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك .

إلى أن قال : وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتضافر أُمتك على هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليلٍ معتلجٍ بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين .

إلى أن قال : واهاً واهاً! والصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث عندك لزاماً معكوفاً ، ولاَعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية ، فبعين الله تُدفَن ابنتك سرّاً ، ويُهضَم حقّها قهراً ، ويُمنَع إرثها جهراً ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، فإلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك يا رسول الله أجمل العزاء ، صلّى الله عليك و(عليها السلام)والرضوان.

وقام (عليه السلام)على شفير القبر فقال :

لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فرقة * وكلّ الذي دون الفراق قليلُ
وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ * دليلٌ على أن لا يدوم خليلُ
ثم قال (عليه السلام): اللهمَّ إني راضٍ عن ابنة نبيك ، اللهمَّ إنّها قد أُوحشت فآنسها ، اللهمَّ إنّها قد هُجرت فصِلها ، اللهمَّ إنّها قد ظُلمت فاحكم لها ، وأنت خير الحاكمين ».

موضع قبرها (عليها السلام):
قال الشيخ الصدوق رحمه الله : اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين (عليها السلام)، فمنهم من روى أنّها دفنت في البقيع ، ومنهم من روى أنّها دفنت بين القبر والمنبر ، وأنّ النبي (صلى الله عليه وآله)إنّما قال : « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » لاَنّ قبرها (عليها السلام)بين القبر والمنبر ، ومنهم من روى أنّها دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد ، صارت في المسجد ، وهذا هو الصحيح عندي.

ومستند الشيخ الصدوق رحمه الله في تصحيحه ما رواه عن أبيه بالاسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)عن قبر فاطمة صلوات الله عليها ، فقال : « دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد صارت في المسجد »روي نحو ذلك عن الإمام الصادق (عليه السلام).

وذكر الشيخ الطوسي رحمه الله والعلاّمة الطبرسي الأقوال الثلاثة التي ذكرها الشيخ الصدوق رحمه الله واستبعدا الأول منها ، واستصوبا القولين الأخيرين .

قال الشيخ الطوسي رحمه الله : الأصوب أنها مدفونة في دارها ، أو في الروضة ، وهاتان الروايتان كالمتقاربتين ، والأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعاً ، فإنّه لا يضرّه ذلك ، ويحوز به أجراً عظيماً ، وأمّا من قال إنّها دفنت بالبقيع ، فبعيد عن الصواب.

وقال العلاّمة الطبرسي رحمه الله : القول الأول بعيد ـ أي كونها (عليها السلام)مدفونة بالبقيع ـ والقولان الآخران أشبه وأقرب إلى الصواب ، فمن استعمل الاحتياط في زيارتها ، زارها في المواضع الثلاثة.

ورجّح السيد ابن طاووس كونها (عليها السلام)مدفونة في بيتها، وكذلك عبدالعزيز بن عمران ، وقال : إنها دفنت في بيتها ، وصنع بها ما صنع برسول الله (صلى الله عليه وآله)، إنّها دفنت في موضع فراشها ، واحتجّ على ذلك بكونها دفنت ليلاً ، ولم يعلم بها كثير من الناس.

وقيل أيضاً : إنّها (عليها السلام)دفنت بالمسجد المنسوب إليها في البقيع ، وهو المعروف ببيت الحزن ، أو بيت الأحزان ، الذي آوت إليه والتزمت الحزن فيه عند وفاة أبيها المصطفى (صلى الله عليه وآله)، والله العالم بحقيقة الحال .
قال الشاعر :
بأبـي التي ماتت ومـا * مـاتت مكارمهـا السنيهْ
بأبي التي دفنت وعفّي * قبـرها السـامي تقيهْ
وقال ديك الجنّ :
يا قبر فاطمة الذي مـا مثلـه * قبـرٌ بطيبـةَ طـاب فيـه مبيتا
إذ فيك حلّت زهرة الدنيا التي * بحلـى محاسـن وجههـا حلّيتا
فسقى ثراك الغيث ما بقيت به * نـور القبـور بطيبةٍ وبقيتا
تاريخ وفاتها (عليها السلام):
المشهور أن وفاتها (عليها السلام)كانت في الثالث من جمادى الآخرة ، يوم الثلاثاء ، سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهو المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) .
وفي رواية : لعشر بقين من جمادى الآخرة  ، وقيل : لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر ليلة الأحد .
وعن ابن عياش : في الحادي والعشرين من رجب .
وقال المدائني والواقدي وابن عبدالبرّ : إنّها توفّيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان.
مقدار عمرها (عليها السلام):
يختلف مقدار عمر الزهراء (عليها السلام)بحسب اختلاف الرواية في تاريخ ولادتها (عليها السلام)، وقد قدّمنا ذلك في الفصل الأول ، فعلى ما روي بأنّها (عليها السلام)ولدت بعد المبعث بخمس سنين ، يكون عمرها (عليها السلام)لمّا توفي النبي (صلى الله عليه وآله)ثماني عشرة سنة ، وهو المشهور.
وعلى القول بأنها (عليها السلام)ولدت قبل المبعث بخمس سنين ، يكون عمرها (عليها السلام)عند وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)ثماني وعشرين أو تسعاً وعشرين سنة ، وهو قول أكثر العامّة ، وهناك أقوال اُخرى كثيرة مختلفة في تقدير عمر الزهراء (عليها السلام)يوم وفاتها ، سببها الاختلاف في تاريخ ولادتها ومدّة بقائها بعد أبيها (صلى الله عليه وآله)، فقد قيل : إنّ عمرها الشريف يوم وفاتها (عليها السلام)كان اثنتين وعشرين سنة ، وقيل : ثلاث وعشرون ، وأربع وعشرون ، وستّ وعشرون ، وسبع وعشرون ، وتسع وعشرون ، وثلاثون ، وثلاث وثلاثون ، وخمس وثلاثون .
مدة بقائها (عليها السلام)بعد أبيها (صلى الله عليه وآله):
اختلفت الروايات وتضاربت الأقوال في تحديد المدة التي مكثتها الزهراء (عليها السلام)فقيل أنّه كان : خمسة عشر يوماً ، أربعين يوماً ، خمسة وأربعين ، شهرين ، ستين يوماً ، سبعين ، اثنتين وسبعين ، خمسة وسبعين ، خمسة وثمانين ، ثلاثة أشهر ، تسعين يوماً ، خمسة وتسعين ، مائة يوم ، أربعة أشهر ، ستة أشهر ، ستة أشهر إلاّ ليلتين ، ثمانية أشهر ، فلم يقل أحد بأقل من خمسة عشر يوماً ، ولا بأكثر من ثمانية أشهر.
وتدلّ أكثر الروايات المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام)أنها مكثت بعد أبيها (صلى الله عليه وآله)خمسة وسبعين يوماً ، وعلى المشهور عند الإمامية من أنّ وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)كانت في الثامن والعشرين من صفر ، تكون وفاتها (عليها السلام)في نحو الثالث عشر من جمادى الاُولى ، لا في الثالث من جمادى الآخرة وكما هو المشهور في وفاتها (عليها السلام)، وعلى المشهور عند العامّة من أن وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)في الثاني عشر من ربيع الأول ، تكون وفاتها في أواخر جمادى الاُولى .
والذي يقتضيه الجمع بين ماهو مشهور من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)في الثامن والعشرين من صفر ، ووفاتها (عليها السلام)في الثالث من جمادى الآخرة ، هو ما روي عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)من أن فاطمة (عليها السلام)بقيت بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله)خمسة وتسعين يوماً ، فيرتفع بذلك التنافي .
ورجّح ذلك أبو الفرج الأصفهاني حيث قال : كانت وفاة فاطمة (عليها السلام)بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)عدّة يختلف في مبلغها ، فالمكثر يقول ثمانية أشهر ، والمقلل يقول : أربعون يوماً، إلاّ أنّ الثبت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)أنّها توفيت بعده بثلاثة أشهر  .
ويؤيده أيضاً ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام)أنّه قال : « بدؤ مرض فاطمة (عليها السلام)بعد خمسين ليلة من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)» وما روي من أنّها (عليها السلام)مرضت مرضاً شديداً ، ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت. فيكون المجموع تسعين يوماً ، مع عدم التعرض للاَيام الزائدة ، تسامحاً في الكسور لقلتها ، والله العالم بحقيقة الحال .
ونكتفي بهذا القدر من الكلام في الحديث عن الزهراء (عليها السلام)النموذج المتكامل والمثل الأعلى في العطاء والتضحية والصبر والعبادة والذوبان في ذات الله عزّ وجلّ ، والوقوف بكلِّ بسالة وشجاعة بوجه الباطل وتعريته تماماً ، مؤكدين أخيراً بان موقف الزهراء (عليها السلام)وقصة رحيلها إلى العالم الآخر يعدّ من أكثر الوثائق الحاسمة في التاريخ قدرة على كشف الكثير من الحقائق التي طالما خفيت على الأجيال .
وذلك باعتبار أن الزهراء (عليها السلام)ميزان عدل لفهم الحق ، ومن خلال ماثبت بنحو القطع من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)قال : « من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية » .
وقال (صلى الله عليه وآله): « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية »وقد ثبت بما قدّمناه عن كتب الصحاح أن فاطمة (عليها السلام)ماتت وهي ساخطة على أبي بكر وعمر ، وأوصت أن لا يحضرا جنازتها ، ولا يصليا عليها ، وأن عليّاً (عليه السلام)دفنها ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر وعمر .
فان كانت إمامة أبي بكر حقيقة شرعية ثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإننا سنكون أمام احتمالين لا ثالث لهما بشأن الزهراء صلوات الله عليها .
الأول : أن تكون قد ماتت على ضلالة ولم تدخل الجنة ـ والعياذ بالله ـ لاَنها لم تعرف أبا بكر إماماً لزمانها .
الثاني : أن تكون قد ماتت على الإيمان ، وعلى هذا يكون الإمام الحق غير أبي بكر وعمر .
والاحتمال الأول باطل وغير صحيح ، لما ثبت في كتب الفريقين أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)قال : « فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ».
ومن هنا نعلم بأنّ سيدة نساء العالمين (عليها السلام)كانت على يقين من معرفة الإمام الحق الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، ألا وهو من قالت عنه الزهراء نفسها بخطبتها الشهيرة : « وتالله لو تكافّوا عن زمامٍ نبذه إليه رسول الله لاعتقله ، ثمّ لسار بهم سيراً سجحاً … ويحهم ( أفمن يهدي إلى الحق أحقُّ أن يتّبع أم من لايَهدِّي إلاّ أن يهدى فمالكم كيف تحكمون ) » .
نعم ، ذلك هو الإمام الحق الذي عرفته الزهراء (عليها السلام)وبقيت تدافع عن حقّه السليب حتى النفس الأخير من حياتها المقدسة ، فسلام عليهما من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

بمناسبة ذكرى مولدها.. نبذة عن حياة السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام الكاظم (ع)

وصية الأخيرة الإمام علي: “كلمات خُطّت بالدم لتبقى للأبد”

شهر الله والصوم الأمثل

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر رمضان

وفاة الصديقة خديجة الكبرى عليها السلام

10

ولادة سبط النبي الاكرم (ص) الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام

15

شهادة مولى المتقين الامام علي عليه السلام

21

ليلة القدر

23

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية