البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

عناصر القوة في شخصية الرسول (ص)

عناصر القوة في شخصية الرسول (ص)

11 نوفمبر 2018
1161 منذ 7 سنوات

بما أنّ شخصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله هي الشخصيّة المصطفاة لعمليّة تغييريّة شاملة وشاقـة, فقد برأها الله عزّ وجل ونقاها من كلّ نقص,وصانها من كلّ عيب، ووهبها عناصر القوّة,لمواجهة العقبات, وعلاج السلبيات, وتحدي مواقف الرفض الجاهلي, وأهم ما في هذه العناصر هي :

أولا – العنصر النوراني في تكوين النبي : وذلك أنّ أول ما يقع بصر الإنسان على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يجد نفسه أمام جمال مدهش لا مثيل له, وشخصية موهوبة, ومظهر يلقي بهالة جمالية مطلقة تأخذ بمجامع القلوب, ويحتل أعماق الوجدان.

(أخرج البيهقي عن جابر بن سمرة قال : رأيت النبي صلى الله عليه واله وسلم في ليلة أضحيان – أي مقمرة مسفرة – فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو كأحسن من القمر)[1] فقد كان تكوينه صلى الله عليه واله وسلم نورا على وجه الحقيقة لا المجاز, بدليل قوله تعالى : {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}[2]

كما أنه كان إذا مشى لا يرى له ظل على الأرض, لأنّ الظل أثر من آثار الكثافة الجسمية, أما النور اللطيف فلا ظل له. وروى ابن المبارك وابن الجوزي عن ابن عباس : لم يكن للنبي صلى الله عليه واله وسلم ظل, ولم يقم من الشمس قط إلا غلب ضوؤه الشمس, ولم يقم من سراج قط إلا غلب ضوؤه السراج)[3]

وأورد الزرقاني قولا لأبي هريرة : (ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله كأن الشمس تجري في وجهه في فلكها). فقال الزرقاني: إنّ شدة النور وسريانه في وجه الناظر إليه منزّل منزلة الشمس التي ظهر نورها في وجهه, ثم استشهد بقول القائل : لم لا يضيء بك الوجـود ولـيله فيه صباح من جمالك مسفر فبشمس حسنك كل يوم مشمس وببدر وجهك كل ليل مقمر عن ابن عـباس, قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله: (خلقني الله نورا تحت العـرش قـبل أن يخـلق آدم بإثـني عـشر ألف سـنة, فـلمـّا أن خـلق الله آدم ألـقى الـنّور في صلـب آدم, فأقـبـل يـنـتـقـل ذلك الـنور من صلب إلى صلب, حـتـّى افـترقـنـا في صلب عـبد المطلـب بين عـبد الله وأبي طالـب, فخلقـني ربّي من ذلك الـنّور لكنـّه لا نـبيّ بعـدي)[4]

فهو – إذن – نور الأنوار وسر الأسرار, ومفتاح باب اليسار, وهو النور اللامع والقمر الساطع, والبدر الطالع, والفيض الهامع, والمدد الواسع, ما سجد لله ساجد وركع راكع لو أبصر الشـيطان طلعـة نوره في وجه آدم كان أول من سجد عيسى وآدم والصدور جميعهم هـم أعين : هو نورها لما ورد ثانيا- : عناية الإعجـاز الرباني : وليس المراد هنا عرض تفصيل لأنواع الإعجاز الرباني لإثبات صدق النبوة, بقدر ما هو عرض لخواص الإعجاز بنحو عام, وأنه يمثل مصدر قوة لمواقف الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم, ثم الفرق بين الإعجاز وبين ما قد يقع فيه البعض.

ولعل من مصاديق عدل الله عزّ وجل هو : تقوية مواقف الرّسل بعناية الإعجاز الدالة على صدقهم, لأنهم الهداة للناس, والله عزّ وجل لا يمكــّن بالإعجاز إلا من هو صادق في قوله وفعله.

فالإعجاز هو العمل الخارق للعادة, والقائم على صدق دعوى المنصب الإلهي, والذي يعجز البشر عن الإتيان ب, وهو مما تعجز أمامه كافة الإرادات البشرية مهما كانت قدراتها وإمكاناتها, ولا يمكن الصمود أمامه لأيّ من مواقف الرفض.

لأنّ الإعجاز يتحرّك دائما في خط التحدي ضد المنكرين للمنصب الإلهي, وذلك لأن المتبني لإجراء هذا العمل الخارق للعادة هو الله عزّ وجل.

وإذا رجعنا إلى القاعدة الفكريّة التي نمتلكها وهي (عقيدتنا) التي تقضي بأنّ الله تعالى يصب قراراته وأفعاله وفق الحكمة, ومع مقتضيات مصلحة الدين والرسالة. فبهذا الحصر نستوحي أنّ المعجزة دائما تصب في خط الحكمة, ولا تجري عبثا وبلا مصلحة تقضي بإجرائها, لذلك تكون المعجزة لإثبات المنصب الإلهي على نوعين :

الأول : من المعجزات ما يلازم البعثات الرّسالية, ولم يكن مرتبطا بما لو طلب الناس ذلك أو لم يطلبوا, فتأتي المعجزة ملائمة لأرقى فنون العصر الذي يبعث فيه النبي, دون أن يكلف الله النبي المرسل بأكثر من دعوة الناس إلى الإيمان بالرّسالة التي جاء بها من ربّه تعالى, وهو ما عليه مسيرة كل الرسالات التي بعث بها الأنبياء.

الثاني : من المعاجز ما يطلبه الناس من النبي, فلو أجابهم الله عزّ وجل ولم يؤمنوا بذلك يصبهم الله بعذاب من عنده, كما أنبأنا القرآن الكريم عن الكثير من الآيات التي كانت سببا لهلاك الأمم التي كانت تلح على طلبها من أنبيائها, ولم تؤمن بها فيعاجلها الله بإنزال العذاب.

لذا أغلق الله باب الإستجابة لطلب المعجزات التي يستوجب التكذيب بها إنزال العذاب, فقال تعالى : {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا}[5]

وذلك إكراما لنبي الرّحمة رسول الله صلى الله عليه واله فأوكل الله الناس إلى عقولهم للتدبر في أرقى المعجزات, وهي معجزة (القرآن الكريم) وذلك : أن هناك شروطا تشكل – مجتمعة – الميزان والضابط للمعجزة, ومن هذه الشروط :

أ- أن تكون المعجزة مقترنة بدعوى المنصب الإلهي لدى من هو أهل لهذا المنصب, وفي ظرف الإمكان لإدعائه, لذا لا يحق لأحد أن يدعي منصبا من مناصب النبوة في هذا الزمان, لقول النبي صلى الله عليه واله : (إلا أنه لا نبي بعدي), ولا منصبا من مناصب الإمامة, لعدم الإستحقاق الموضوعي لهذا المدعى بعد وضوح سلسلة الإمامة .

ب – أن لا تكون المعجزة على خلاف السنة الكونية أو أمرا مهلكا أو مستحيلا عقلا كما طلبت قريش من رسول الله صلى الله عليه واله {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} [6]. فنلاحظ في هذا الطلب ما يخالف السنة الكونية, ومنه الأمور المهلكة التي تخالف الهدف من بعثة النبي صلى الله عليه واله, ومنه ما هو مستحيل عقلا, ولذا لا تجد مثل هذه الطلبات قبولا عند الله عزّ وجل.

ج – أن لا تكون المعجزة من الأمور الملجئة للناس على الإيمان, بمعنى أنها تسلب الإختيار, لذا لما كبر على النبي صلى الله عليه واله إعراض الناس عن الإيمان بالرّسالة, ووقع في نفسه الألم والحسرة عليهم إذ لم يؤمنوا, خاطبه الله تعالى بقوله : (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)[7]

المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قريش، فقالوا : يا محمد ائتنا من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل فانا نصدق بك فأبى الله أن يأتيهم بها فأعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك عليه، فنزلت هذه الآية، والمعنى، وإن كان كبر عليك إعراضهم عن الإيمان بك، وصحة القرآن، فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فافعل)[8]

د – أن لا تتجرّد المعجزة عن الغاية والهدف, كما لو كانت استجابة للجاجة أو لعناد من الناس, وهم غير مستعدين للإيمان والإنضواء تحت لواء الهدى والحق.

لأنّ هدف المعاجز في تأريخ الرسالات, هو : ربط الناس بالله تعالى من ناحية, ومن ناحية اخرى إقامة الحجة على الكافرين والمعاندين.

وهذه الغاية تحصل من أول معجزة تقوم على صدق المدّعى, كما في خاتم المعجزات القرآن الكريم, القائم على صدق الرسالة, والذي أغلق الله عزّ وجل به باب كل طلب, وأفحم به كافة المدّعيات, وما يتوقع من ظهور الأوهام.

ثالثا – : وعي الرسول صلى الله عليه واله للمسؤولية: من الطبيعي فأن أيّا من الحركيين المصلحين, بصفته صاحب أطروحة يريد أن يضعها بين يدي الناس, بهدف أن يكون لها النفوذ والقبول في واقع الأمة, لابد وأن يكون عالما ومستوعبا لتفاصيل هذه الأطروحة, مما يعزز من مواقفه, ويضاعف من تحمله لمسؤوليته في سبيل ترويجها, فكيف برسول الله صلى الله عليه واله الذي هو على موعد من السماء أن تلقي عليه قولا ثقيلا, وأن تحمله أمانة عالمية شاملة ؟؟.

لذا كان من عناصر نجاح حركة الرسول صلى الله عليه واله, أنه كان قد أحاط بكل خطوط رسالته التي حملها للأمّة, وكان على وعي وبصيرة لما يدعو إليه من مبادئ هذه الرسالة ومفاهيمها, {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [9] فلم تعد تلك الأطروحة لدى الرسول صلى الله عليه واله كمهنة من المهن التي يزاولها عادي الناس انتظارا لعائد مادي, أو أملا لمردود جاهي, أو طمعا في مركز إجتماعي.

وإنما كانت لديه الأطروحة هذه طموحا من الطموحات, وتطلعا من التطلعات وهدفا من الأهداف والغايات, التي يعيش تأثيرها في نفسه وروحه وعقله مذ فتح عينه على الدنيا, والتي تصاغرت وتفانت أمامها كل الرغبات المادية والدنيوية.

لذا كان وعيه وشعوره بالمسؤولية تجاهها, دافعا من دوافع الإصرار والتصميم على مواصلة الطريق إليها, فكان يقول لعمه أبي طالب عليه السلام : (يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) إيمانا منه بأنّ هذه الأطروحة الجديدة هي موضع أمل كل الإنسانية على امتداد التأريخ.

لذلك لما كانت هذه الأطروحة تطلعا في كل أحاسيسه ومشاعره, فقد بقي يراقب ويتابع درجة تأثيرها في عمق النفوس, وفي مظاهر السلوك الإنساني.

رابعا – : سيرته العملية الملتزمة : وهي تعني إلتزامه بمقررات رسالته التي يدعو إليها, والعمل بمبادئها وتطبيق مفاهيمها في واقع التعامل والسلوك, لترى الأمة صورة الرسالة الجديدة قد تمثلت في صورة رسولها الداعية إلى الإيمان بها, وتشتمل السيرة العملية على مصاديق منها :

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

مسابقة القرطاس | الْيَوْمَ الثامن والعشرين من شهر رمضان

مسابقة القرطاس | الْيَوْمَ السابع والعشرين من شهر رمضان

مسابقة القرطاس | الْيَوْمَ السادس والعشرين من شهر رمضان

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر رمضان

وفاة الصديقة خديجة الكبرى عليها السلام

10

ولادة سبط النبي الاكرم (ص) الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام

15

شهادة مولى المتقين الامام علي عليه السلام

21

ليلة القدر

23

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية