{لطائف قرآنية} .. العفّة والحياء في القرآن الكريم
الكاتب: حيدر الساعدي
حينما وصل نبيّ الله موسى على نبيّنا وآله وعليه صلوات الله وسلامه إلى مدين، وجد بنات نبيّ الله شعيب عليه السلام قد وقفن على الجانب الآخر من الماء، ولا يستطعن السقي.
فوجّه إليهنّ السؤال كما ورد في قوله تعالى:
> ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ، قَالَ مَا خَطْبُكُمَا؟ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ، وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾.
محلّ الشاهد: قوله تعالى: «قال ما خطبكما».
فقد وجَّه النبيّ موسى عليه السلام السؤال إلى المرأتين، فجاء الجواب:
«قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء»
ثم أردفتا الجواب بقولِهما:
«وأبونا شيخ كبير»
وهنا يبرز التأمل:
هل سأل النبيّ موسى عليه السلام عن أبيهما؟
الجواب: كلا.
إذن، لِمَ قالتا: «وأبونا شيخ كبير»؟
الجواب: إنّهما أرادتا قطع الحديث وعدم الإطالة في الكلام مع رجلٍ أجنبيّ، وإن كان نبيًّا مرسلاً.
فكانت تلك الجملة استباقًا لما قد يُتوقَّع من سؤالٍ لاحق، كأن يقول: «ولمَ لا أرى معكما رجلًا، أبًا أو أخًا؟»
فقدّمتا البيان قبل السؤال، حياءً وعفّةً وأدبًا.
وهكذا نتعلّم أنّ العفّة والحياء قيمتان ساميتان في شريعة الله، حتى في مقام الحديث مع عباد الله الأصفياء، فلكلّ مقامٍ حدودٌ يقف عندها المكلَّف.