البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

دروس من حياة الإمام الحسن (ع)

دروس من حياة الإمام الحسن (ع)

17 أكتوبر 2018
2414 منذ 7 سنوات

الاستقامة في سبيل الهدف

إذا أراد الإنسان الوصول إلى هدفه، من مقابلة الظلم والطغيان القضاء على الاستبداد، ماذا يمكنه أن يستفيد من نهضة الإمام الحسن (عليه السلام) في مواجهة معاوية؟.

الذي يقوم بالمقاومة المسلحة فقط، والذي لا يقوم بأية مقاومة في مقابل العدو؟ كلا العملين غير صحيح، ولا يمكن أن يكون أي منهما أسوة صحيحة للآخرين.

بل يلزم أن يتخذ الإنسان من نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) أسوة وقدوة، كما يلزم تطبيق سيرتهم حسب موازين الزمان.

ولتوضيح ذلك أكثر نضرب مثالاً في هذا المجال:

إذا لم يسافر الإنسان لأداء فريضة الحج بالطائرة وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يسافر بالطائرة ولم يكن هناك على سبيل الفرض طريق آخر، أو أن إنساناً آخر يذهب إلى الحج في يومنا هذا بواسطة الخيل وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك في زمانه، فإن كلا الشخصين قد أخطئا، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يقل أنه بعد أكثر من ألف سنة يجب السفر إلى الحج بواسطة الخيل والجمال.

يلزم علينا أن نفكر أولاً ثم نقدم على عملنا، كما فعل الإمام الحسن (عليه السلام) حيث اتخذ الأسلوب المناسب بعد التفكير الصحيح الذي كان ينبع عن الوحي، فقام بما هو صالح للإسلام والمسلمين، وفي زماننا هذا فإن شرائط التحرك الإسلامي تشبه بزمانه (عليه السلام) فإننا نعيش الآن في وقت هجم علينا كل قوى الكفر، قوى الشرق من جهة وقوى الغرب من جهة أخرى، اليهود من جهة والفساد من جهة أخرى، ولا ينبغي التغاضي عن أمواج الفساد واعتبارها لا شيء.

فاليوم الخمور، القمار، السفور، الفساد الأخلاقي المنافي للعفة والذي يخدش الحياء، وأمثالها، كلها تحسب كقوى الشر وتشكل جبهة مخيفة، ونحن في عصرنا الحاضر نحتاج إلى أكثر مقدار ممكن من العلم والتعقل، والثقافة والوعي، كي نحافظ في المرحلة الأولى على أنفسنا وشبابنا ثم نطور الأمة فكرياً وعملياً.

فيلزم علينا أن نلاحظ ثلاثة أشياء وذلك للحفاظ على جبهتنا مقابلة الباطل:

1: مراقبة أنفسنا.

2: تنمية وتطوير قوانا.

3: سلب القدرة من تلك الجهات التي تواطئوا على ملء الدنيا بالفساد والباطل، وذلك بفضحهم وتوعية الناس.

إن المسلمين في العصر الحاضر، حيث عاد الإسلام غريباً بينهم، بحاجة إلى أسلوب الإمام الحسن (عليه السلام) في العمل، وفهمه ودركه بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من العقول الناضجة والفكر والبرنامج والمشورة والوقت الكافي والأخلاق الحسنة والدقة في العمل والاستقامة، كي يتمكنوا من وضع الحركة الإسلامية في مستوى الدفاع أمام الأعداء، وضم أكثر من مليار مسلم(35) تحت لواء الحكومة الإسلامية الواحدة إن شاء الله تعالى.

نماذج من العلماء الصامدين
هنا نشير إلى ثلاثة نماذج من العلماء الصامدين، الذين نجحوا في الحياة، مسلمين وغير مسلمين، فإن الصمود والاستقامة شرط أساسي من أجل السعي لإعادة تحكيم الإسلام، وتحمل الصعاب والمشاكل هو طريق ذلك، فإن الهمة العالية والاستقامة في سبيل الوصول إلى الهدف من أهم عوامل الموفقية.

1: شريف العلماء
العالم الجليل شريف العلماء(36) هو أحد أكبر علماء الشيعة وضريحه في كربلاء المقدسة.

هذا العالم الكبير كان يوماً زعيم الحوزة العلمية في كربلاء وأستاذ علماء الشيعة، وتمكن من تربية مجموعة كبيرة من العلماء من أمثال المرحوم الشيخ مرتضى الأنصاري(37)، وكان يحضر درسه أكثر من ألف عالم ومجتهد.

يقال: إن من أسباب نبوغ هذا العالم الجليل هو أنه ولسنوات عديدة كان يبقى مستيقظاً من أول الليل إلى الصباح ودائماً كان مشغولاً بالمطالعة والبحث في الكتب، ومن دون شك وترديد أن هذه المدة الطويلة من اليقظة في الليل هو عمل صعب جداً، ولكن نفس هذا العمل الصعب تمكن من إيجاد نابغة عظيمة حيث جاء في تاريخه أنه بقي أربع عشرة سنة يقظاً طوال الليل، ولهذا أصبح على رأس كافة فقهاء القرن الأخير وعلمائها، والعجيب أنه قد توفي في فترة شبابه.

إن العمل أيضاً مثل العلم تماماً بحاجة إلى الصمود والاستقامة وتحمل الصعاب، لذا فإن نفس الشيء الذي يلزم في النبوغ العلمي يلزم وجوده في الواقع العملي أيضاً، لأن العلم والعمل مثل جناحي الطائر، فإن كل علم من العلوم يحتاج إلى شيئين: الأول ثقافة العلم، والآخر كيفية إجراءه في الخارج، وإذا ما أراد شخص تعمير المدن وإصلاح الناس فيلزمه زمان طويل من التفكير والتخطيط وأن يسعى دائماً لانتخاب أفضل الطرق التي توصله إلى الهدف، ومن ثم عند إصابته الطريق أن يتحرك ويعمل بجد ويتحمل الصعاب، ومثل هذه الطريقة يمكن أن تكون أسلوباً لإجراء حكم الله في الأرض.

2: ابن سينا
ابن سينا (38) إنه كان نابغة بدليل أنه تمكن من فرض شخصيته العلمية في أوساط المجتمعات البشرية إلى هذا اليوم، يقول: بأنه قرأ مرة كتاب أحد الفلاسفة فلم يفهم معناه فقرأه مرة ثانية فلم يفهمه وكذلك في المرة الثالثة وأخيراً قرأ الكتاب أربعين مرة حتى أدرك معناه، وبهذه الطريقة تمكن ابن سينا الوصول إلى هدفه.

3: إديسون
إديسون(39).. وهو الذي اكتشف القوة الكهربائية وكان قبل ذلك قد قام بتجربة فيزيائية فلاحظ تطاير شرارة كهربائية من جهازه الذي كان تحت التجربة، فكرر العمل مرة ثانية فلم يوفق، وفي المرة الثالثة عزم على الاحتفاظ بتلك الشرارة في إحدى القناني المختبرية فلم يوفق، وهكذا كرر عمله هذا عدة مرات فلم يصل إلى نتيجة، إلى درجة أن أصدقاءه كانوا قد اتهموه بالجنون، ولكنه كان مصمماً وذا إرادة فواصل تجاربه إلى أن تمكن من الاحتفاظ بتلك الشرارة الكهربائية، وجاء في تاريخه أنه ومن أجل الوصول إلى هدفه كرر هذه التجربة أكثر من تسعة آلاف مرة وكان دائماً يتحلى بالصبر وعدم اليأس إلى أن تمكن من الحصول على مراده.

في أحد الأيام قرأت في بعض أعداد مجلة (العربي)(40) بأنه تستخدم في القمر الصناعي الواحد ثلاثة ملايين قطعة وأن عدد العلماء الذين يعملون في صناعة وإرسال والسيطرة على القمر الواحد يبلغ ثلاثمائة ألف عالم(41).

نحن في الحقيقة علينا أن نتعلم من الإمام الحسن (عليه السلام) درساً في كيفية الإعداد، كما يلزم التحمل والغلبة على كافة المشكلات بالرغم من كثرتها، وهذا الأمر أصعب حتى من الثورة نفسها، لأن الثورة عبارة عن مقابلة العدو من أجل المحاربة، على عكس الإعداد الذي تظهر فيه آلاف المشاكل.

الشهادة المفجعة
تمكن معاوية وبواسطة (جعدة) زوجة الإمام الحسن (عليه السلام) من سقي الإمام (عليه السلام) السم القاتل، وكانت النتيجة استشهاد الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) والتحاقه بجده وأبيه وأمه (سلام الله عليهم أجمعين) مسموماً شهيداً، وهنا يبرز سؤالان:

1: لماذا الزواج من هؤلاء؟
لماذا تزوج الإمام الحسن (عليه السلام) من جعدة بالرغم من عدم صلاحها ولياقتها؟ فأبوها الأشعث أحد المنافقين وكانت له يد في قتل أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، كما أن أخاها محمد بن الأشعث قد أشترك في قتل الإمام الحسين (عليه السلام) فيما بعد.

في الجواب يمكن القول: بأن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) كان قد تزوج بها قبل أن يقدم أبوها وأخوها على تلك الجنايات، ثم إن هذه الجنايات لم تكن تتحقق بعد، ولا قصاص قبل الجناية.

ولكن لماذا تزوج (عليه السلام) بامرأة من عائلة لا تليق بشأنه مع علمه بأن الأشعث من المنافقين.

وجوابه أن الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) كانوا مشعل هداية ونور للجميع، ومن الواضح أن وظيفة المشعل هو بعث النور للكل، سواء استفيد من هذا النور أم لا، ونلاحظ ذلك في السنة الكونية الإلهية فمخلوقات الله في النظام الكوني هي بهذا الترتيب فمثلاً الشمس كما تبعث بنورها على حدائق الورود المعطرة كذلك تبعث بنورها على المزابل، وكما أن الغيوم تمطر على المزارع والبساتين كذلك فإنها تمطر على المستنقعات أيضاً.

وفي تاريخ الأنبياء (عليهم السلام) نلاحظ أن عدداً منهم كانت زوجاتهم غير صالحات، فكان نوح ولوط (عليهما السلام) لهما زوجات كجعدة، قال تعالى: ]ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لّلّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ اللّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ[ (42) وهذا دليل على أن الإمام الحسن (عليه السلام) كان قد عمل بالأمر الإلهي حتى في الزواج كسائر أولياء الله وأنبياء الله العظام (عليهم السلام).

2: لماذا شرب السم؟
كيف تناول الإمام الحسن (عليه السلام) السم، مع علمه بأنه سم قاتل؟ وإذا قلت: بأنه لم يعلم فكيف يمكن الادعاء بأن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يعلمون الغيب بإرادة الله تعالى؟

الجواب: هو أنه (عليه السلام) قد شرب السم مع علمه بذلك وقد وصلتنا روايات متواترة بأن كافة المعصومين (عليهم السلام) كانوا على معرفة بـ (علم المنايا والبلايا) (43) من النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ولي العصر (أرواحنا فداه)، وعليه فإن الإمام الحسن (عليه السلام) في هذه المسألة كان كالنبي (صلى الله عليه وآله) عندما تناول اللحم المسموم الذي قدمته اليهودية مع علمه بأنه كان مسموماً، وبناءً على مجموعة من الروايات فإنه (صلى الله عليه وآله) قد رحل عن الدنيا متأثراً بهذا السم، ومثل أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان يعلم بأن قاتله هو ابن ملجم (لعنه الله) وأنه سيقتله ومع ذلك ذهب إلى المسجد، وكذلك الإمام الحسين (عليه السلام) كان على اطلاع ومعرفة باستشهاده في كربلاء، وهكذا كافة الأئمة (عليهم السلام) كانوا يعلمون بوجود السم المقدم لهم من قبل أعدائهم، ومع ذلك كانوا يتناولون الطعام أو الشراب المسموم وما أشبه.

لماذا لم يعملوا بعلم الغيب؟
إذا ما سُئلنا: لماذا لم يعمل الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بعلمهم الغيبي وأسلموا أنفسهم إلى الموت مع أن القرآن المجيد يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (44)؟!

نقول في جوابه: بأن العلم الحاصل من الأسباب والعوامل الطبيعية يختلف مع العلم الحاصل من الأمور الغيبية، وأن الله تعالى لا يعطي علم الغيب والقدرة الخارقة للعادة ـ الولاية التكوينية ـ لأي إنسان إلا ويأمره بعدم العمل طبق ذلك إلا في الموارد الخاصة حفظا لموازين الكون. وهكذا في العديد من الأمور التي يمنحها الله للمعصومين (عليهم السلام) كما كان موسى (عليه السلام)(45) قادراً على قتل فرعون(46) بواسطة الثعابين..

وأن عيسى (عليه السلام)(47) كان قادراً على قتل هيرودوس(48) بواسطة القدرة الخارقة للعادة، وكان نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) قادراً على قتل الكفار والمشركين بالقدرة الإلهية، ولكنهم لم يقدموا على فعل أي واحدة من هذه الأمور مع وجود البلايا التي تحل بهم من قبل الطواغيت زمانهم، فقد أسلموا أمرهم إلى الله في هداية الناس عن طريق الأساليب المتعارفة وكذلك كانوا الذي يملكون علم الغيب.. فقد كانوا على علم بكثير من الوسائل والطرق الغيبية ولكنهم لم يعملوا طبقاً لها، لأن الله تعالى شاء أن تسير كافة الأشياء بحسب الموازين الطبيعية التي أودعها في العالم إلا في مورد المعجزة، كي يكون هؤلاء الأولياء أسوة وقادة للمجتمع البشري.

يتحدث القرآن المجيد عن النبي بقولـه: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مّا يَلْبِسُونَ) (49)، وإذا ما عمل المعصومون (عليهم السلام) بعلم الغيب الذي لديهم، لم يكونوا اليوم أسوة وقدوة، ولقال الناس مثلاً: إن علياً (عليه السلام) كان يعلم بأنه لن يقتل في حروب النبي (صلى الله عليه وآله) لذلك كان يشارك فيها، ولكننا لعدم علمنا بمصيرنا فإننا لا نشارك في الحرب ضد أعداء الإسلام، وهكذا بالنسبة إلى سائر الموارد.

بل إننا نقرأ في صفحات التاريخ بأن بعض الصحابة والحواريين وحتى الأفراد العاديين والذين هم أقل شأناً من المعصومين (عليهم السلام) لم يعملوا أيضاً بعلم الغيب الذي تعلموه من النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام)، وعلى سبيل المثال فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أخبر ميثماً(50) بكيفية قتله على يد ابن زياد، وعندما جاء ابن زياد إلى السلطة فإن ميثم التمار (عليه الرحمة) كان في مكة، ولكن مع ذلك قدم إلى الكوفة فألقي القبض عليه وتم قتله، وهكذا باقي الصحابة الذين كانوا على اطلاع ومعرفة بعلم المنايا والبلايا.

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

يوم الأول من صفر: يوم المنبر العالمي

زيارة الأربعين.. خدمة ونهضة تتجدد كل عام

خطواتٌ نحو النور

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر صفر

شهادة الامام الحسن المجتبى (علية السلام)

7

شهادة الامام الرضا عليه السلام

17

ورود السبايا من آل بيت النبي ( صلى الله علية واله وسلم ) أرض كربلاء

20

وفاة النبي الاكرم ص

28

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية