بعض كلمات الشهيد الصدر الثاني بحق المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي.
——————————————-
اولاً – قول السيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره عن الشيخ اليعقوبي انه ( المرشح الوحيد من حوزتنا وأنه الذي ينبغي أن يمسك الحوزة من بعدي أذا شُهد له بالاجتهاد فانا لا أعدوه هو الذي ينبغي ان يمسك الحوزة بعدي )
ونقول ان كلمة السيد هذه تدل على اكثر من اجتهاد سماحة الشيخ اليعقوبي:
أ- قال اذا شُهد له بالاجتهاد ولم يقل اذا بلغ الاجتهاد ، وهذا يعني ان السيد متيقن ومتأكد من حصول ملكة الاجتهاد ثبوتاً وتحققها لدى سماحة الشيخ اليعقوبي ولكن في مقام الاثبات والاحتجاج على من هو خارج حوزتنا – حوزة اتباع الشهيد الصدر – يتطلب الشهادة لسماحته وقد حصلت من علمين معروفين كما هو واضح . ومن مرجع بارز السيد محمود الهاشمي قدس سره والعديد من العلماء وأساتذة وفضلاء الحوزة
ب- معنى ( ينبغي ان يمسك الحوزة من بعدي ) فالحوزة ليست ادارة شؤون واشراف على مناهج تدريس وادامة الدرس وانتظامه ، حتى يُقال ممكن ان يمسكها من هو ليس مجتهد ، بل تعبير السيد ان يمسك الحوزة يدل على قيادة شرعية للمجتمع الذي يرجع الى الحوزة ومن شروط القيادة عند السيد ليس الاجتهاد فقط بل الاعلمية .
ج- عبارة السيد الشهيد الصدر الثاني ( يمسك الحوزة بعدي ) ليس معنى ( البعدية) هو التعاقب الزماني ، بل البعدية معناها الرتبية والمقام ، وواضح ان من يوصي بتحمل غيره وتوليه مقامه يشترط فيه ما هو شرط في الاصيل الذي كان يمسك بالحوزة قبل البديل والخليفة له ، ومن الشروط المعلومة لذلك الاجتهاد والاعلمية .
ثانياً- صرّح الشهيد الصدر في رسالة خطية له باعلمية الشيخ اليعقوبي حيث بقول الشهيد الصدر الثاني فيها ((أنت تعلم إنني كنت ولا زلت أعتبرك أفضل طلابي وأطيبهم قلبا وأكثرهم إنصافا للحق بحيث لو دار الأمر في يوم من الأيام المستقبلية بين عدة مرشحين للمرجعية ما عَدوتك لكي تبقى المرجعية في أيدي منصفين وقاضين لحوائج الآخرين لا بأيدي أناس قساة طالبين للدنيا).. ولولا انه متيقن من تحقق اجتهاد الشيخ اليعقوبي لما قال السيد قده بترشيحه للمرجعية خصوصا وان قول السيد قده ( لو دار الأمر في يوم من الأيام المستقبلية ..) فان إطلاق العبارة تصدق على المدة اليسيرة جدا التي تعقب وتلي تاريخ كلام السيد بهذا المضمون .
ثالثاً- اعلان الشهيد الصدر الثاني – رض- في اكثر من موطن وموقف وبصيغ متنوعة لحوزته واتباعه ولعموم الامة في تعيين القائد البديل ، كما كان يكرر ( قدس سره ) ، حيث كان يدعو باستمرار الى الرجوع الى البديل الذي يعدّه من طلابه .. وقد قال الشهيد الصدر الثاني ( قدس سره ) ..( اني اريد ان اربّي بديل مماثل ولربما افضل مني بكثير ) والسيد الصدر الثاني معروف بعدم المجاملة والمداهنة خصوصا في مثل هذه الامور المصيرية التي كان تقييمه للاخرين فيها صريحا وواضحا وتحمل بسبب ذلك ما تحمّل … ومن المعلوم ان البديل المماثل يعني مماثل في شروط المرجعية ومنها الاجتهاد بل الاعلمية والمنهج الرسالي الاصلاحي الذي عُرف به الشهيد الصدر قده … والمتابع لسيرة الشيخ اليعقوبي منذ الأيام الأولى لشهادة المرجع الصدر يتيقن هذه الحقيقة .
رابعاً- صدر لسماحة الشيخ اليعقوبي كتابان مهمان عام (١٩٩٨) حظيا بالثناء والاعجاب اولهما كتاب ( المشتق عند الاصوليين ) تضمن تقرير ابحاث السيد الشهيد الصدر ( قدس سره ) في علم الاصول مع بعض المداخلات ، وقد أعجب به السيد الشهيد الصدر وجعله من اجزاء دورته الاصولية ( منهج الاصول ) مستغنيا به عن كتاباته .. ولولا ان السيد اقتنع برصانة المستوى العلمي ودقته وتعبيره التام عن كل مطالبه الاصولية المعمقة لما جعله جزءا من كتابه الذي صدر باسمه الشريف ( قدس سره ) ومما يؤكد هذه الحقيقة العلمية ، ان خصوم السيد الشهيد الصدر الثاني كانوا يبحثون عن اي موضوع يصلح مادة للاعتراض على اعلميته .. فلو لم يكن تقرير الشيخ اليعقوبي بمستوى يساوي نتاج نفس السيد الصدر وابداعه العلمي لجعل الكتاب بعنوان تقرير الطالب وليس بعنوان نتاج الاستاذ نفسه.
خامساً- واضاف السيد الشهيد الصدر قده في مقدمة بحثه الأصولي المذكور ثناءاً بخصوص الشيخ اليعقوبي ( ولاشك انه بهذا الجهد الجهيد يسير بخطو حثيث نحو الاجتهاد ومعرفة السداد ، أتمنى له المستقبل الزاهر في خدمة العلم والعمل وان يكون من المراجع المخلصين والقادة الطيبين ..) فترى ان السيد الشهيد الصدر لم يكتفِ بالإشارة إلى قرب نيل الشيخ للاجتهاد بل يراه مؤهل المرجعية ، علماً ان هذا الكلام قد صدر في مقدمة الجزء الثاني الذي تم الانتهاء من تقريره في شهر رمضان (١٤١٨ هج ) أي نهاية عام (١٩٩٧ ميلادي ) وإذا لاحظنا ان مدة إلقاء الدروس التي قررها سماحة الشيخ اليعقوبي قد تستغرق شهوراً فتصل إلى نتيجة ان تقييم الشهيد الصدر قده يكون في بدايات عام ١٩٩٧ وهو دليل على تحصيل سماحة الشيخ اليعقوبي ملكة الاجتهاد في وقت حياة السيد الشهيد قده .
سادساً-مقولة الشهيد الصدر الثاني قده في لقاء معه منتصف عام ١٩٩٨…( فإن أمد الله تعالى في عمري وبقيت عدة سنوات أخرى فيوجد بالتأكيد هناك من طلابي ممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد طيب القلب وخبير وورع ونحو ذلك قابل لأن تحول عليه القيادة الحوزوية ولربما في ذلك الحين يكون هو الأعلم…) فترى ان الجمع بين شهادات السيد الصدر الشهيد قده أعلاه مع هذه الشهادة فيتحصل من الجمع ان السيد يرشح الشيخ اليعقوبي للأعلمية وقد مرّت عشرات السنين على شهادة السيد الشهيد الصدر بذلك للشيخ اليعقوبي وهو علّق قده حصول الاعلمية على عدة سنوات فقط
ومن المهم ملاحظة اشتراط السيد الشهيد الصدر الثاني الاجتهاد في القيادة الدينية إذ انه قال ( .. فيوجد بالتأكيد هناك من طلابي ممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد طيب القلب وخبير وورع ونحو ذلك قابل لأن تحول عليه القيادة الحوزوية …) فعلّق السيد الشهيد الصدر تحويل القيادة على المرشح لها بشرط الاجتهاد اضافة إلى الشروط الأخرى من طيبة القلب والورع والخبرة
سابعاً- ومما يؤكد اشتراط الاجتهاد في القيادة الدينية ماذكره السيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره في لقاء الحنانة الجزء الثالث ،قال ؛ – (كل من تصدى لقيادة المجتمع وهو ليس بمجتهد، أكبه اللهُ على مَنخِرَيه في قَعْرَ جهنم كائنا من كان، حتى لو كان من أفضل فضلاء الحوزة ))
عبد الرسول الحميداوي