المرابطة هي الإقامة والإرصاد، لحفظ ثغور المسلمين، وهي المواضع التي يُخاف منها هجوم العدوّ على بلادهم، كما في قوله تعالى، في محكم كتابه:”بسم الله الرحمن الرحيم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”صدق الله العظيم، فهي من النعم الإلهية الكُبرى، التي منّ الله بها علينا، كوننا في هذه البلاد، التي تقع فيها ثغور الإسلام المباركة، التي منها نجاهد في سبيل الله، وننفّذ أمره تعالى بالمرابطة، حيث أن لها آثارًا عظيمة، فذكر النبي محمد (ص) قوله في هذا الخصوص: “من لزم الرباط لم يترك من الخير مطلباً، ولم يترك من الشرّ مهرباً”.
ما هي ميزة باب الجهاد والمرابطة، حتى يخصه الله عز وجل بخاصة أوليائه؟
هل هناك فرقٌ بين الجهاد بمعناه الخاص، والمرابطة في سبيل الله تعالى؟
هذا ما سلطنا الضوء عليه، في برنامج”هدى ونور”، الذي يعرض على قناة النعيم الفضائية، مع سماحة السيد علي فحص.
أوضح السيد فحص، أن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، لايوفق إليه إلا الخاصون من عباد الله جل وعلا، وذلك لأن للجهاد عدّة شروط، وليس من السهل نيلها، فهي تبدأ من خلال تربية النفس وبنائها وجهادها، لتكون هي الركيزة، ليغلب الإنسان هواه، ومن ثم ينطلق ليغلب عدوه، فإذا كان قادراً على جهاد النفس، وعلى غلبتها وغلبة هواها، فهو على غلبة العدو أقدر، إذاً فالإنسان يحتاج إلى جهاد النفس أولاً، وذلك لأن قيمة الجهاد تكون في النية التي ينطلق المجاهد من خلالها، فالعبرة في النية التي تحرك الإنسان إلى الجهاد، بالتالي لأن المنطلق هو جهاد النفس، ولأن النية هي ركيزة وأساس، وأن يكون الهدف مشخصاً وواضحاً لله العزيز القوي، إذاً يكون المنطلق لله، والوسائل لله والهدف والنتيجة لله، لهذا فالجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وذلك لأن قدسية الجهاد تكون في سبيل الله، فهو نُسب إلى المولى عز وجل ومن أجله.
وأضاف السيد فحص، أنه ورد في الآية الشريفة، قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم” صدق الله العظيم، فالمرابطة هي مأخوذة من رباط الخيل، الذي مهمته أن يوقف الخيل، ويُربط في مكانٍ محدد ويبقى فيه، إذاً فهي أخذت إلى الجهاد، بمعنى حراسة الحدود والثغور، وأخذت إلى معنى آخر، وهو الدفاع عن الشريعة وعن الدين، فالمؤمن مرابط من خلفه المؤمنون الضعاف، أو المؤمنون الذين يحتاجون إلى تأهيل في العقيدة والعلم والمعرفة، بالتالي فإن الرباط له معنيين، الأول هو حراسة الحدود والثغور، كي لا يخترقها العدو ويدخل إلى بلاد المسلمين، والثاني ورد كحصن الفقه من الفقيه والعالم، حتى لايخترقه إبليس ويستجر من المؤمنين إلى صفوفه، أو أن يغويهم ويتبعون خطواته، فلهذا لها تثمينٌ عالٍ جداً في المعنيين، إذاً فالمرابطة في الثغور تكون في المعنى الجهادي.
لمتابعة الحلقة كاملة عبر اليوتيوب: