قال الأمام الصّادق (عليه السّلام) : « أربعة بقاع ضجت إلى الله من الغرق أيام الطوفان : البيت المعمور فرفعه الله إليه ، والغري ، وكربلاء ، وطوس »1 .
دحى في اللغة : دحى دحياً الشيء , بسطه . وتدحى تدحياً الشيء تبسط.
اذن ما معنى الدحو للأرض ؟
والمقصود أيام الطوفان طوفان نبي الله نوح “عليه السلام” وإن الارض في البداية كانت مغطاة بمياه الامطار ألغزيرة، التي إنهمرت عليها فملئ الماء الكرة الارضية كلها , بعد ذلك بلعت الارض مائها تدريجياً …. فتشكلت المنخفضات المائية … وتكونت البحار والمحيطات… فكانت أول بقعةٌ يابسةٌ ظهرت من تحتِ الماء هي مكة المكرمة …. وهذا ما ورد في روايات المعصومين. وبعدما خلق السماء والارض بإلف عام .
فعن ابي عبد الله الامام الصادق “عليه السلام” قال (إن الله عز وجل دحا الارض من تحت الكعبة إلى منى، ثم دحاها من منى إلى عرفات ثم دحاها من عرفات إلى منى، فالأرض من عرفات، وعرفات من منى ومنى من الكعبة)2 .
ومن بعد إنبساط أرض الكعبة المشرفة، بسط الله سبحانه وتعالى ألجوانب التي حولها حتى أصبحت هي المركز التي بسطت الارض من بين أفنيته وجوانبه.
ومن هذا التفسير يتبين إن معنى الدحو غير معنى الإنشاء .. والخلق.. وإنما هو بمعنى بسطها.. وتسويتها، اذاً كانت الارض مخلوقة وفي اليوم الخامس والعشرون من شهر ذي القعدة الحرام بُسطت .
وهذا وفق تفسير قوله تعالى:{ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}.
اما في تفسير قوله تعالى{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا }
لقد أبى الله ان تجري الامور الا وفق مسبباتها.. واسبابها…فكانت ظاهرة دحو الارض إنما تهيئة الارض للسكنى والعيش عليها … لكل الموجودات فلما غار الماء داخل الارض منذ بدايته ، بدء يخرج منها فتكونت العيون والانهار وتكونت البحيرات.. والبحار.. والمحيطات , وعلى أساس ذلك أصبحت الظروف متهيئه لتكوين المراعي للحيوان من توفير الغذاء لإنبات النباتات وما الى ذلك .
تفسير قوله تعالى { وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا } من ضمن آية دحو الأرض
لا بد لهذه البسيطةِ من إستقرار ، وأصول ، تستند اليها لتقف امام اي ظرف او ظاهرة طبيعة تؤثر على استقرار الأرض مثاله الزلازل … والعواصف… والفيضانات… والمد… والجزر… والبراكين… وغيرها من هذه الحالات التي تؤثر على إستقرار الأرض، وعلى اثره جعل الله سبحانه وتعالى الجبال لتكون أوتاد لكي تثبت الارض وقوله تعالى:{ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} ارساها بمعنى الثبات3 .
وهنا تمت ظاهرة دحو الارض
وبعد هذا التوضيح لدحو الارض وتهيئتها لسكنى الموجودات يكون هذا خير دليل على قدرة الخالق في بدء الخلق، والإعادة، والاذعان على تحقق المعاد وان الله يجمع من في القبور .
المصادر:
1- بحار الأنوار ج12 ص99 ، الوافي للفيض الكاشاني ج14
2 – الكافي ج4 ص 189
3 – تفسير الأمثل ج19 ص392