البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

كيف نعرف أن ما كتبه الله تعالى لنا من النعم هي منح إلهية أو استدراج ؟

كيف نعرف أن ما كتبه الله تعالى لنا من النعم هي منح إلهية أو استدراج ؟

15 يناير 2023
680 منذ 3 سنوات

سؤال مهم ينبغي لكل فرد طرحه على نفسه لأجل أن يعرف الجواب فيكون السؤال والاجابة شكل من أشكال المراجعة التي لا بد للمؤمن القيام بها لأجل تلافي السلبيات وتنمية الإيجابيات.

الجواب سيكون بإذن الله تعالى مقتبسا من الآية الكريمة وأحاديث المعصومين (عليهم السلام) واقتباسات من كلام المرجعية الرشيدة

أولا: سيكون الجواب من الآيات القرآنية

يجب أن ننظر إلى واقعنا وسلوكنا بدقة فإذا كنا متقين وأقمنا الدين في حياتنا سواء على المستوى الشخصي أو الأسري أو المجتمعي أو نسعى لذلك بجدية فإن النعم ستكون بركات ومنح من الله تعالى قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الأعراف: 96]

وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)[المائدة: 66]

أما إذا كنا بعيدين عن الله تعالى ونعصيه فستكون هذه النعم استدراجا قال تعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (آل عمران/178).

ثانيا: الجواب من أحاديث المعصومين (عليهم السلام)

عن الإمام علي (عليه السلام) قال: يا بن آدم! إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره.

الإمام الحسين (عليه السلام): الاستدراج من الله سبحانه لعبده أن يسبغ عليه النعم ويسلبه الشكر .

الإمام الصادق (عليه السلام) – لما قيل له: سألت الله أن يرزقني مالا وولدا ودارا فرزقني، وقد خفت أن يكون ذلك استدراجا -: أما والله مع الحمد فلا.

وعنه (عليه السلام) قال: هو العبد يذنب الذنب، فيملى له ويجدد له عندها النعم، فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم.[1]

ثالثا: اقتباسات من كلام المرجعية الرشيدة

والاملاء لا يكون مقتصرا على كثرة المال والبنين إنما أوسع من ذلك بكثير قد يكون المنصب وكثرة الاتباع والجاه والشهرة والصحة والشهادات العلمية وغيرها …

فكل هذه النعم أو بعضها إذا تحققت لك وأنت تذنب ولم تقم الدين في نفسك (اسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) [الشورى:15] وفي أسرتك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم:6] ولم تسع لإقامة الدين في مجتمعك وأنت قائد ولديك جاه ولديك شكل من أشكال التمكين في المجتمع … ولك تأثير كبير (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج/41) ) فاعلم أنك مستدرج فاحذر عاقبة الاستدراج وما يترتب عليه من عذاب (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:22-23).

والمستدرجون من طواغيت وظلمة وقيادات متقمصة قد أوهموا كثير من الناس بأحقية منهجهم من خلال ما حصلوا عليه من مال وكثرة أتباع وشهرة ومواقع قيادية والانتصار السياسي أو العسكري وغيرها وهذا ما اوضحه المرجع اليعقوبي في كلمة له حملت عنوان (ربيبة القرآن العقيلة زينب (عليها السلام) تعيد للأمة بصيرتها) حيث قال:

وقد وقعت الأمة في هذه الفتنة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبلغت ذروتها في عهد يزيد بن معاوية، ولهذا كان من الأدوار المهمّة التي أدّتها ربيبة القرآن والنبوّة والإمامة العقيلة زينب (عليها السلام) هي إعادة الأمة إلى وعيها وبصريتها، وتصحيح موازين النظر عندها، ولنأخذ مثالاً على ذلك جانباً من خطابها، فقد كان يزيد وابن زياد وأزلامهم يعتقدون أنّهم هم المنتصرون فأخذتهم سكرة الغلبة ونشوتها كما وصفتهم العقيلة زينب (فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متّسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا).

وتصبح مشكلة المفاهيم المقلوبة أخطر حينما تُستغل لخداع الناس وتُجعل دليلاً على شرعية حكم أولئك الطواغيت وسلطتهم، وهذا ما نبّهت إليه العقيلة زينب (صلوات الله عليها) (أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نُساق كما تُساق الإماء أنّ بنا على الله هوناً وبك عليه كرامة!! وأنّ ذلك لعظيم خطرك عنده، فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله عز وجل (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (آل عمران/178).

فهي (سلام الله عليها) لم تكتفِ بالإدلاء بحقيقة أنّ هذا ملكنا وسلطاننا خاصة ونحن أحقّ بالأمر من هذا الظالم المدّعي، ولكن فضحت هذه الأساليب لخداع الناس بأنّ هؤلاء المتسلّطين هم أصحاب الحق، ولا يزال إلى اليوم من يموّه على الناس ويكتسب شرعيته من كثرة الأتباع وشهرة العنوان وإغداق الأموال لفرض الأمر الواقع وإقناعهم بأنّ سلطته شرعية وإبعاد الحق عن أهله[2].

والاستدراج الذي يقع فيه الكافرون والمنافقون وأهل المعاصي يكون تدريجيا حيث قال سماحة المرجع اليعقوبي في قبس قرآني(سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ) سُنة الاستدراج:

والاستدراج يعني الايقاع بالكافرين والمنافقين واهل المعاصي تدريجياً درجة بعد درجة من حيث لا يعلمون فكلما ازدادوا في المعاصي ازدادت عليهم النعم والشواغل والملهيات عن التوبة والرجوع وهكذا حتى تنتهي مهلتهم و يتفاجاؤا بالعذاب الذي يستحقونه وقد أحاط بهم وهم في ذروة سكر النعم واقبال الدنيا وورد عن الامام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية قال (هو العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه، تلّهيه تلك النعمة عن الاستغفار عن ذلك الذنب).

والذي يوقعهم في هذا الاستدراج ما ذكرته الآية التالية في الموضعين (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (القلم:44) أي اغترارهم بالإمهال والاملاء وعدم التعجيل بالعقوبة على الذنوب (وَأُمْلِي لَهُمْ) الذي هو رحمة وشفقة وإعطاء مزيد من الفرص للتوبة وليس عجزاً أو ضعفاً لأن الاستعجال ديدن من يخاف الفوت فيتوهمون أنهم على خير ولم يصدر معهم شيء سيء وإنهم يستحقون من الله تعالى إغداق النعم كقول قارون لما نصحه قومه بالإحسان كما أحسن الله تعالى إليه وعدم البغي والفساد في الأرض (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) (القصص:78).

فيتملكهم الغرور وتستولي عليهم الغفلة حتى ينتهوا إلى سوء المصير، قال تعالى (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (آل عمران:178).

وسنة الاستدراج تأتي بعد الموعظة والتذكير والانذار والتحذير والتعريض لبعض الابتلاءات لعله يصحو من غفلته وينتبه إلى نفسه فاذا استمر بعصيانه وتمرده تواترت عليه النعم فينسى ربه وينسى نفسه (نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ) (الحشر:19)[3].

وفي قبس قرآني آخر بعنوان (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) قال سماحته:

وقد تكون فتنة الشخص بأن تتواتر عليه النعم ويعيش في رخاء فتتحرك شهواته وتميل نفسه الى الدعة والراحة والاستكانة والتخلي عن التزاماته الدينية كمن يترك أداء حقوقه الشرعية اذا توسعت أمواله ويترك الصلاة لأنها تتعارض مع ذروة حركة السوق وهكذا يتخلى عنها واحدة واحدة، وقد تزيد عليه هذه النعم رغم عصيانه وانحرافه فيظن انه على خير وانه مستحق للنعم (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين) (آل عمران/178) لذا ورد التحذير من فتنة الرخاء أكثر من الضراء ففي الحديث النبوي الشريف (لأنا لفتنة السّراء أخوف عليكم من فتنة الضراء، إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وإن الدنيا حلوة خضرة)[4].

ومما يؤسف له ويشكل هاجسا مقلقا وشبحا مرعبا لكل مؤمن أنه قرأنا في التاريخ ورأينا في حياتنا الكثيرين ممن كان يشار لهم بالإيمان والوعي انقلبوا على الاعقاب أو تراجعوا نتيجة حصولهم على بعض المغريات كمال أو ذرية أو وظيفة أو جاه أو منصب أو شهادة بل بعضهم أغراهم كثرة المتابعين وكثرة اللايكات فتخلوا عن الكثير من واجباتهم الدينية بل وخرج بعضهم من الدين إلى الالحاد والعياذ بالله!

فلابد من المراجعة والمحاسبة باستمرار وأن نسأل أنفسنا هل أدينا الواجبات وتركنا المحرمات بل هل نقوم بالمستحبات ونترك المكروهات ويجب أن نكون على خوف دائم من سوء العاقبة

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة.

وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت.[5]

نسأل الله تعالى رضاه وحسن العاقبة والتوفيق لما يحب وأن يصلح حالنا بحسن حاله

المصادرـــــــــــــــ
[1] ميزان الحكمة ج4 ص3315-3316.
[2] خطاب المرحلة ج7 ص371. قضايا المرأة في الفكر الإسلامي، ص78.
[3] من نور القرآن ج5 ص167. خطاب المرحلة ج12 ص13.
[4] من نور القرآن ج4 ص38.
[5] ميزان الحكمة ج1 ص724.

محمد النجفي

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

الفقهاء حصون الإسلام

لله درك ما أعظمك.. اليعقوبي يستشرف حرب التسقيط ونتائجها

المرجع اليعقوبي شيخ فقهاء النجف الأشرف والأعلم..

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر ربيع الاول

شهادة الامام الحسن العسكري ع

8

ولادة النبي الاكرم (ص)

17

ولادة الامام جعفر بن محمد الصادق ع

17

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية