كان موقع المآذن القديمة والمميزة التي كانت تزين الحائر الحسيني الشريف، في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن على يمين الداخل من باب الشهداء، ولجدار الصحن أقرب من جدار الرواق، وهي من أعظم وأفخم المآذن الموجودة في العتبات المقدسة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف والكاظمية وسامراء.
ومن حيث الفخامة في الأبنية التاريخية كانت هي الثانية في العراق من بعد (ملوية) المتوكل، فكان يبلغ قطر قاعدتها عشرين متراً تقريباً، وارتفاعها أربعين متراً.
هذا ويعود تاريخ منارة العبد الى سنة (767) الهجرية بناها الخواجة مرجان الذي كان والياً على بغداد من قبل السلطان الثاني من سلاطين الدولة الجلائرية الايلخانية، أويس الجلائري الذي كانت عاصمة ملكه تبريز.
يشار إلى أن مئذنة العبد بنقوشها البديعة كانت تشكل آية في الفن المعماريِ، ومعلماً أثرياً رائعاً حتى أن الكثير من المستشرقين والرحّالة الذين زاروا كربلاء قد ذكروا هذه المنارة عند وصفهم المشهد الحسيني الشريف ومنهم خان أديب الملك (المراغي) حين زار كربلاء عام (1273هـ = 1857 م)، وحين زار الرسام الإنجليزي روبرت كلايف كربلاء عام (1862م ) ورسم الروضة الحسينية المقدسة كان من أوضح المعالم الجمالية في لوحته منارة العبد وهي مزينة بالقاشاني ذي النقوش البارزة، وهي دائرية الشكل ذات قاعدة سداسية الأضلاع، وفي عام 1890 م زار كربلاء رئيس بعثة بنسلفانيا للتنقيب عن الآثار القديمة في نفر (منطقة عفك) جون بيترز ووصف منارة العبد بأنها مزينة بالكاشي البديع.
وفي أواخر عام (1354 هـ / 1936 م) هدمت هذه المأذنة الأثرية بأمر من رئيس الوزراء ياسين الهاشمي بحجة أنها ماثلة للسقوط وتشكل خطراً، ولكن في الحقيقة هي الطائفية المقيتة التي كان يمارسها الهاشمي آنذاك.
الجدير بالذكر أنه حينما أقدموا على هدم منارة العبد عثروا على نقود نحاسية قديمة ترجع إلى العهد الجلائري والصفوي وقد أودعت في دار الآثار القديمة ببغداد.
