خطبت الزهراء (عليها السلام) في نساء المهاجرين و الانصار جاء فيها : (و ما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا منه و الله نكير سيفه و قلة مبالاته بحتفه و شدة وطأته و نكال وقعته و تنمره في ذات الله عز و جل و تالله لو مالوا عن المحجة اللائحة و زالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها و حملهم عليها…). بحار الانوار ج 43 ص 160
ورد في هذا من المقطع من الخطبة عبارة (وتنمره في ذات الله) وتعني به امير المؤمنين (عليه السلام) فما معنى تنمره في ذات الله تعالى؟
ورد في معاجم اللغة معنى التنمر: (ونَمِرَ الرجلُ ونَمَّر وتَنَمَّر: غَضِب). هذا ما ذكره صاحب لسان العرب لكن المحدثين اضافوا له (وساء خلقه) : (نمِرَ الشَّخصُ :غضِب وساءَ خلُقُه فصار كالنَّمِر الغاضِب) ومن الواضح ان ليس كل من غضب ساء خلقه، بل لعل المعني بالتشبه بالنمر لقوته وشدة بطشه بالحق.
نَمَرَ نَمْرًا: نَمَرَ في الجبل والشجَر: علا فيهما وصعَّد. ونَمِر / نِمْر صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من نمِرَ
نَمير: (اسم) مَاءٌ نَمِيٌر : مَاءٌ نَافِعٌ عَذْبٌ ، شَرَفٌ نَمِيرٌ : شَرَفٌ زَاكٍ لَهُ حَسَبٌ نَمِيرٌ .النَّمِيرُ من الماء: الطَّيِّبُ الناجع في الرِّيِّ . له حَسَبٌ نَمِيرٌ: زاكٍ.
ونخلص مما تقدم ان الزهراء (عليها السلام) عنت بقولها ووصفها لأمير المؤمنين (عليه لسلام) بالتنمر في ذات الله تعالى : انه قوي في ذات الله لا يخشى احدا وهو كناية عن قوة النمر وباسه الشديد، او ان غضبه في ذات الله تعالى لا يحمله احد، او من ثباته على الحق في ذات الله تعالى، او من علو شانه معرفة الله سبحانه وتعالى، ولعلها قصدت (سلام الله عليها) كل هذه المعاني. هذا المعنى الحقيقي للتنمر والكل يعلم ان الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت تتحدث بلسان فصيح لا لحن فيه لم لا وهي ربيبة الرسالة وعدل القران الكريم.
لكن هذا اللفظ تم استعماله في غير المورد الذي وضع له، فقد انتشر في الآونة بخاصة في اوساط المدارس الابتدائية لفظ (التنمر) وانه معنى مرفوض يدلل على الشراسة والاعتداء على الاخرين، ومن الغريب انه انتشر كانتشار النار في الهشيم بحسب متابعتي الشخصية لهذا الموضوع فان بعض القنوات الفضائية المتخصصة ببرامج الاطفال كانت السبب الرئيس في نشر هذا المعنى بشتى الوسائل والطرق. فهل الاهتمام بنشر هذه المعاني المحرفة جاء اعتباطا وبخاصة ان السنين الست الاخيرة شهدت انتشارا واسعا لهذا المعنى؟ واذا كان معنى التنمر هو الخلق السيء لماذا جعلوه مختصا بالأطفال وليس شامل للكبار ايضا؟
علينا الانتباه لما يحاول البعض اشاعته من معان قد تكون اساءة للمعنى الحقيقي فلو ان احد اطفالنا قرا كلمة الزهراء (عليها السلام) : (وتنمره في ذات الله) وقد علق بذهنه معنى التنمر المتداول فما الذي سيفهمه. فلا تستهينوا بهذه المخططات ولا تستقلوا تأثيرها فثمة خطوات شيطانية اخرى هدفها تهديم تراثنا وتغيير مسار اجيالنا بالشكل الذي يراه اعداء الاسلام والدين.