البث المباشر
  • الرئيسية
  • من فكر المرجع اليعقوبي
  • أهل البيت
  • المناسبات الإسلامية
  • الدين والحياة
  • البث المباشر

أصالة الفرح في القرآن من وحي آية {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}

أصالة الفرح في القرآن من وحي آية {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}

11 ديسمبر 2018
4781 منذ 6 سنوات

الفرح في القرآن المجيد تم استعماله بمعنى مشترك بين السلب والإيجاب ، فهناك آيات تحدثت عن الفرح بصور سلبية ، وهناك آيات تحدثت عن الفرح بصور إيجابية .

ويظهر ان سلبية استعمال الفرح انما هو بحسب الموضوع الذي يفرح صاحبه به ، وايجابيته ايضا بحسب الموضوع الذي يفرح صاحبه به ، وبلغة علمية سلبية الفرح وايجابيته بحسب متعلقه .

أ – من موضوعات الفرح الايجابية في القران :

1 – الفرح بعد الفوز بالشهادة في سبيل الله : قال الله المتعال : {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠)يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١)

2 – الفرح بنزول القران المجيد : {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦)

3 – الفرح بنصر الله :
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الم (١)غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣)فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤)بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥)} .

4 – الفرح بفضل الله ورحمته :
٥٦)يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)

ب – من موضوعات الفرح السلبية :

1 – الفرح بتجميع الثروة للاستكبار ولاغراض غير مستقيمة : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦)وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧) .

اي لا تفرح بثروة لن تستخدمها بالطريقة المستقيمة وستكون وبالا عليك ، ولو انه اقر بفضل الله عليه بتجميع الثروة ونوى صادقا استخدامها بطريقة مستقيمة لكان فرحه مما لا ضير فيه ، ولكنه انكر نعمة الله عليه اولا ، وكان مستكبرا بالاستناد الى ثروته ثانيا ، ولم تكن ثروته وسيلة للخير ثالثا ، فكان نصيبه الخسف .

2 – الفرح شماتة بالمؤمنين : { إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} .

3 – الفرح بتوهم نجاح عملية التزوير والنفاق والكذب : قال الله المتعال : { لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)

فقد ورد في اسباب نزول هذه الاية اقوال عدة :

منها : ان بعض اليهود كانوا يفرحون بتحريف وكتمان حقائق التوراة وقدرتهم على جعل هذا الفعل المنكر منطليا على الناس ، وكانوا يحبون مدح الناس لهم باعتبارهم اربابا للعلم .

ومنها : ان اهل النفاق عندما كان يخرج المجاهدون الى الجهاد كانوا يتعللون ويختلقون الاعذار الواهية ، وعندما يرجع المجاهدون كانوا يحبون المدح على نسبتهم للايمان الظاهري وعلى ما لم يفعلوه من افعال المجاهدين الصادقين .

وهذا الفرح مذموم لانه فرح بما هو غير واقعي وبما هو موهوم .

4 – الفرح بالنعم الامتحانية الاستدراجية الموصلة الى ما لا تحمد عقباه ما لم تتم عملية التغيير . قال الله المتعال : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢)فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣)فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)

5 – الفرح من قبل المنافقين بالبلاءات التي يتعرض لها المؤمنون باعتقاد ان نجاتهم من هذه البلاءات بسبب احتياطاتهم وحساباتهم وهم بالواقع من الخاسرين في نهاية المطاف . قال الله المتعال : { إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠)

6 – الفرح بالتخلف عن الجهاد مع الرسول الاعظم ( ص) في غزوة تبوك بتبريرات واهية كالحر الشديد . قال الله المتعال : { فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (٨١)فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)

7 – الفرح بالاستجمام والنعم مع الغفلة عن وجود الله المتعال وعدم الايمان به وعدم الشكر له . قال الله المتعال : {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢)

8 – الفرح بطرا باعتقاد انه لا شيء بعد الفرح والبطر ، وان السوء لن يعود اليهم . قال الله المتعال : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠)إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)

9 – الفرح بالدنيا الزائلة التي هي هدف لهؤلاء دون الدنيا التي هي وسيلة للاخرة . فهناك فارق بين الفرح في الدنيا والفرح بالدنيا . قال الله المتعال : { اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ }

10 – الفرح بالعصبية الحزبية الباطلة الضالة . إذ ان الله المتعال مدح في القران حزب الله بصفاتهم الخاصة وذم الاحزاب المتفرقة . قال الله المتعال : {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) } .

11 – الفرح بالهدايا المؤقتة التي تستخدم لصرف الناس عن حق يريدونه وعدل ينشدونه . وذلك انهم كانوا يفرحون بالهدية لانها تزيد من مالهم من جهة ، ولانها موجبة لامر معنوي فخري من جهة اخرى ، ولامور اخرى . وهذا الفرح المذموم بالهدية انما هو لمناسبة قصة سليمان ( ع) وبلقيس ، وليس لاستحباب التهادي مدخلية بهذه المناسبة ، اذ ان سليمان ( ع) كان يدعوهم الى الحق وهم ارادوا صرفه عن عزمه هذا من خلال الهدية ، فارجع هديتهم . قال الله المتعال حكاية عن سليمان عليه السلام : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } .

12 – الفرح في الارض بالبطر والخيلاء واستخدام النعم بغير ما احل الله المتعال . قال الله المتعال : { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)

13 – الفرح بالنعم فقط والجزع بغير النعم . قال الله المتعال : { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (٤٨)

14 – الفرح بعلم غير نافع وغير مقرون بالهداية وهو بعد علم مضاد لدعوة الانبياء والرسل ، وربما يكون علما موهوما او علما بالشؤون الدنيوية الموحي لصاحبه بأنه من اهل الاستغناء عن دعوة الانبياء والرسل . قال الله المتعال : {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨٣)فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤)

15 – الفرح بالباطل والمعاصي . وقيل المراد بذلك الشرك ونفي المعاد ، والصحيح الاعم من ذلك فيشمل كل فرح بالباطل والحرام . قال الله المتعال : { ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥)ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) .

ويظهر من استعمالات القران بالاعم الاغلب ان لفظ السرور هو الصق بالسعادة والايجاب وهو ابعد عن استعماله بالمعنى السلبي كما يظه من ارباب اللغة .

فقد قال الله المتعال : {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ
بِيَمِينِهِ☆فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا *وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا } .

وقال الله المتعال في وصف اهل البيت عليهم صلوات ربي وسلامه : { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} .

ان الفرح هو الاصل والحزن هو استثناء ، ولكن الفرح تارة يكون مؤقتا واخرى يكون دائما ، وتارة ثانية يكون فرحا بالحقائق واخرى بالموهومات .

ان الفرح الذي يكون اصيلا هو الفرح الدائم من جهة ، والفرح بالحقائق الوجودية من جهة اخرى دون الموهومات ، كما انه من جهة ثالثة ينبغي ان يكون فرحا بالحق لا بالباطل .

فلتفرح بالحلال كيفما شئت وانى شئت ، ولتفرح بانجازاتك ، ولتفرح بكل ما اردت ولكن اياك ونسيان عواقب الامور من جهة ، واياك ان يجرك فرحك الى المعصية من جهة اخرى .

ومن خلال التدبر بالايات المتقدمة نلاحظ كيف تحدثت الايات القرانية عن الفرح السلبي الذي يكون مؤقتا نظير قول الله المتعال حكاية عن بعض قوم قارون : { إذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين } .

فهو قد فرح بثروة مؤقتة آيلة الزوال والاضمحلال ولا تنفع في ظل النظام الاخروي ، بل انها لا تنفع حتى في ظل النظام الدنيوي اذا تعرض صاحبها لخطر لا منجى له ولا عاصم الا الله .

بينما تحدث الله المتعال عن فرح الشهداء الدائم بوصفه غير مؤقت . فقال الله المتعال : { فرحين بما اتاهم الله من فضله } . فهذا الفضل دائم وهو يستحق الفرح الحقيقي .

ان الفرح ينبغي ان يكون بالحقائق الوجودية ، ففرح الانسان بوجود الحقيقة الالهية هو اعظم فرح في الوجود ، وفرح الانسان بالحقيقة الولائية لمحمد وال محمد عليهم صلوات ربي وسلامه هو اعظم فرح ، وهكذا فرحه بحقيقة الحرية وحقيقة العزة وحقيقة العلم وحقيقة سيادة واستقلال وطنه وامته .

واذا ما قمنا بجولة بحثية تحقيقية على طريقة هدهد سليمان ( ع) حول فرح الشعوب واعيادها فإننا نجدها تفرح بانجازاتها العلمية والتخصصية والاختراعية وبأيام مجدائها وشهدائها ونجدائها وتحررها واستقلالها .

الله المتعال مدح الفرح بالحقائق الوجودية حينما قال : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } .

ان القران دعانا الى الفرح بالحقيقة القرانية التي تتميز بحسب هذه الاية باربع مميزات ينبغي الفرح بها :

الاولى : الفرح بالموعظة : { يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم } . اي هذا القران هو خير موعظة .

والموعظة هي النهي الممتزج بالتهديد او التذكير بالنعم الالهية الممتزجة بالرقة والترغيب ، وهي تؤثر في القلب المستعد لتقبلها اذا كانت له ارضية خصبة والا فالارض الملحية تنبذ البذور .

الثانية : الفرح بالشفاء : { وشفاء لما في الصدور } . فكما ان البدن يحتاج الى شفاء اذا ما دهمه المرض فإن القلوب تحتاج الى الشفاء ايضا ، والقران هو خير سبيل لعلاج امراض القلوب .

الثالثة : الفرح بالهداية :{ وهدى } . إذ اي رحمة واي نعمة واي خير موجب لفرح الانسان افضل من نعمة الهداية الموصلة الى الجنة والسعادة الدائمة . انه هذا القران الذي جعله الله المتعال لنا كتابا للهداية بمعنييها الخاص والعام .

واي فرح هو هذا الفرح اذا خسر الانسان الهداية وربح كل شيء مع الضلالة ؟؟!!

ان احدنا اذا فقد شيئا يهمه فإن الفرحة بوجادتها لا يصفها الواصفون ، وبالهداية يجد الانسان نفسه فأي فرح بوجادة شيء اعظم من وجادة الانسان لنفسه بالهداية ؟؟!! فينبغي شكر الله المتعال الدائم على هذا القران الذي يتكفل بهدايتنا .

الرابعة : الفرح بالرحمة الالهية : { ورحمة للمؤمنين } .

فالفرح بالرحمة الالهية هو من الافراح الحقيقية التي ينبغي على الانسان ان يحمد الله المتعال عليها .

ومما لا ريب فيه فإن القران رحمة الهية عظمى ينبغي ان نفرح بوجودها .

ثم بعد ذلك يخاطب الله المتعال رسوله الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بقوله : {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} .

نعم فليفرحوا بهذا القران ، وليفرحوا بفضل الله المتعال ورحمته .

وهناك اقوال في بيان معنى الفضل والرحمة منها :

– الفضل هو النبوة والرحمة محمد ( ص)

– الفضل هي النبوة المحمدية لانها الابتداء والرحمة هي الامامة العلوية لانها الاستمرار .

– الفضل هو الجنة والرحمة هي العفو والمغفرة .

– الفضل هو النعم الالهية العامة لكل البشر والرحمة هي النعم الالهية الخاصة بالمؤمنين

– الفضل هو الايمان والرحمة هو القران .

– الفضل الالهي هو بداية النعمة والرحمة هي دوام النعمة .

– الفضل هو النعم الظاهرية والرحمة هي النعم الباطنية .

– الفضل هو النعم المادية والرحمة هي النعم المعنوية .

وكل هذه الاقوال تتحملها كل من عبارة الفضل وعبارة الرحمة .

والانسان السوي يفرح بفضل الله ورحمته بجميع هذه الاوجه ، فيفرح بحقيقة النبوة المحمدية ، وبحقيقة الولاية العلوية وولاية اهل البيت ( ع) وسائر الائمة المعصومين المطهرين ( ع) ، ويفرح بالنعم الالهية المادية والمعنوية ، وبنعمه الظاهرية والباطنية ، ويفرح بالايمان والتدين ، ويفرح برحمته العامة ورحمته الخاصة ، ويفرح بحقيقة الجنة وحقيقة العفو والغفران ، ويفرح ببدايات النعم وباستمرارها .

وهكذا يفرح بكل الحقائق الالهية ، ويفرح بكل النعم التي تخوله اتخاذها وسيلة لكماله وولوجه الجنة .

ها هنا حقيقة الفرح ، الفرح بالقران المجيد الذي هو كتاب موعظة ، وكتاب شفاء ، وكتاب هداية ، وكتاب رحمة .

ان على الحكام ان يفرحوا لامن ورفاه وتعليم وصحة الناس اكثر من فرحهم بمناصبهم ، وان على الاستاذ والمعلم والمربي ان يفرح بنجاحه في رسالته التعليمية والتربوية اكثر من فرحه براتبه وجوائزه ، وان على عالم الدين ان يفرح لهداية الناس وارجاع آبقهم اكثر من فرحه بعلو منزلته وباعتلاء منبره ، وان على رب الاسرة ان يفرح لعبادات عائلته وصلاتهم وتلاوتهم للقران وصدقاتهم وحسن اخلاقهم كفرحه بشهاداتهم وانجازاتهم ومراتبهم الدنيوية .

ان على سائر البشرية ان تجعل لها يوما عالميا للفرح ولكن بالحقائق والقيم السامية ،ونامل ان نصل الى يوم نصبح ونمسي فيه على يوم عالمي وجودي للفرح بيوم الغدير عنوانه : يوم الفرح العالمي بولاية محمد وال محمد . اللهم صل على محمد وال محمد .

يقول الله المتعال : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } .

بقلم الكاتب والباحث: توفيق حسن علوية

مشاركة المقال:

مقالات مشابهة

المرجعية بين الانكفاء والتجدد: بوصلة الشيعة في زمن التحوّلات الكبرى

المرجعية الرسالية في النجف الأشرف: من الثبات إلى التمهيد – قراءة في مشروع المرجع الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)

قراءة نقدية في مقدمة ابن خلدون – سؤال الغائب وتحديات الوعي المعاصر

الجدول

  • على الهواء
  • التالى
  • بعد

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

لا توجد برامج متاحة في هذا التوقيت

مناسبات شهر رمضان

وفاة الصديقة خديجة الكبرى عليها السلام

10

ولادة سبط النبي الاكرم (ص) الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام

15

شهادة مولى المتقين الامام علي عليه السلام

21

ليلة القدر

23

تابعنا

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لقناة النعيم الفضائية